الثلاثاء، 21 ديسمبر 2010

سباق إقليمي وعالمي للفوز بكعكة العقود الضخمة في قطر

«المونديال» يفتح باب الاستثمارات على مصراعيه
سباق إقليمي وعالمي للفوز بكعكة العقود الضخمة في قطر

2010-12-07 
الدوحة - نور الحملي  
يبدو أن فوز قطر باستضافة كأس العالم 2022 وعزمها إنفاق المليارات في تنظيم هذه الفعالية فتح شهية الشركات الخليجية والإقليمية والعالمية مبكراً للفوز بعقود ضخمة في الدولة.
وبدت بوادر سباق بين هذه الشركات للفوز بمشاريع داخل قطر، وذلك للفوز بحصة من كعكة التطور العقاري والاستثماري الذي تشهده الدولة بداية من الآن حتى عام 2022، وذلك من خلال إعلان بعض الشركات نيتها للاستثمار في قطر. 
ومن المتوقع أن تشهد الدولة طفرة كبيرة خلال السنوات المقبلة في مشاريع البنية التحتية والصناعية والعقارية والخدمية وكافة القطاعات العاملة في الدولة، وذلك في إطار حصولها على حق استضافة كأس العالم 2022 وتنفيذاً لرؤية قطر الوطنية 2030، التي أقرها حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى.
ومن المقرر أن تشهد مشاريع البنية التحتية في الدولة تطوراً كبيراً خلال فترة العشر سنوات المقبلة، حيث كشف سعادة وزير الاقتصاد والمالية السيد يوسف حسين كمال، في كلمته أمام حضور منتدى المستثمر العالمي الثاني بالدوحة في نوفمبر الماضي، النقاب عن توجهات لضخ نحو 140 مليار دولار في شرايين قطاع البنية التحتية بالدولة خلال 10 سنوات.
وذكر تقرير استراتيجي رئيسي بعنوان «دليل البنى التحتية في دول مجلس التعاون الخليجي» قام بتأليفه ميد إنسايت بالاشتراك مع هيئة مركز قطر للمال مؤخراً، أن القيمة الحالية لمشاريع البنى التحتية الرئيسية قيد الإنشاء في دولة قطر تتجاوز 55 مليار دولار، متوقعا أن يصل إجمالي قيمة الاستثمارات في هذه المشاريع باستثناء مشاريع النفط والغاز إلى حوالي 100 مليار دولار خلال السنوات القليلة القادمة.
وأكد التقرير أن سوق البنية التحتية في قطر هي سوق فريدة من نوعها ضمن دول مجلس التعاون الخليجي، لأن الغالبية العظمى من الاستثمارات تتم لتطوير القطاعات غير العقارية، مثل شبكة السكك الحديدية الوطنية واسعة النطاق وشبكة مترو الأنفاق التي تبلغ قيمتها 35 مليار دولار.
وسيكون حلم بطولة كأس العالم بمنزلة القوة الإضافية الداعمة لكافة القطاعات العالمة في قطر ولكل منطقة الشرق الأوسط، حيث ستكون بداية لرحلة استثمارية تستغرق 12 عاماً تعمل على خلق فرص للتعاون الإقليمي والاستثمار المتبادل، مع تأثير إيجابي طويل الأمد على قطر ومنطقة الشرق الأوسط.
ويبدو جلياً أن الإنفاق القطري المتوقع على مونديال 2022 بدأ يجني ثماره بإغراء الشركات الإقليمية والدولية لاقتناص فرص أعمال في القطاعات المتعلقة بالبطولة، التي تشمل تأسيس ملاعب وفنادق وتطوير وتوسيع عدة مطارات وشوارع وغيرها.

شركات المقاولات السعودية
وفي أول رد فعل من دولة خليجية عن توجيه استثماراتها نحو قطر، توقع رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين في مجلس الغرف السعودية الدكتور عبدالله رضوان أمس، أن تدخل شركات المقاولات السعودية في تحالفات محلية وعالمية للفوز بحصة الأسد في مشروعات البنى التحتية والتجهيزات الأساسية التي أعلنت عنها دولة قطر استعدادا لنهائيات كأس العالم التي تستضيفها عام 2022 والمقدرة تكلفتها بأكثر من 100 مليار دولار. 
وقال رضوان لجريدة «الرياض» السعودية إن قطاع المقاولات السعودي سيلعب دوراً محورياً في تنفيذ مشروعات دولة قطر بحكم موقع المملكة جغرافياً والمقومات التي تمتلكها المملكة من مصانع وخدمات لوجستية لتوريد المنتجات، متوقعاً أن يحتل قطاع المقاولات المرتبة الثانية بعد النفط في مجال التصدير خلال الفترة المقبلة. وأكد رضوان أن اللجنة تسعى إلى تحسين رؤية بيئة قطاع المقاولات من خلال تدعيم وتجهيز بيئة عملها التي تعاني منها في الوقت الراهن، مما يساهم في فوز شركات المقاولات السعودية بحصة من مشروعات دولة قطر بحكم قرب المملكة جغرافياً مع قطر وأنظمة دول مجلس التعاون الخليجي التي ستلعب دوراً في ذلك. 
وبين أن المشروعات المتوقع فوز الشركات المحلية بها في قطر ستتركز في إنشاء الطرق والمستشفيات وبناء الملاعب الرياضية والفنادق والمطارات، مستبعداً تأثير سوء تنفيذ شركات المقاولات بعض المشروعات الحكومية على الشركات السعودية وإمكاناتها. 
وتخوف رضوان من ارتفاع أسعار مواد البناء والحديد خلال الفترة المقبلة في السوق المحلية جراء ارتفاع الطلب عليه عند تنفيذ المشروعات في دولة قطر، إلا أنه أكد وجود فائض في بعض المواد مثل الإسمنت والحديد ومواد البناء، مشيراً إلى احتمال وجود من يستغلون هذه الفرصة لبث شائعات تؤدي بدورها إلى خلق أزمة مفتعلة ما لم تلعب الجهات المعنية مثل وزارة التجارة دوراً محورياً في الحد من ذلك. 

شركات إماراتية
من ناحية أخرى قال توماس باري، الرئيس التنفيذي لشركة «أرابتك للإنشاء»، التي تعد إحدى كبرى شركات الإنشاء بدبي، إنّ الشركة تتوقع الفوز بحصة كبيرة من المشاريع العقارية التي ستطرحها دولة قطر في إطار تحضيراتها لاحتضان دورة كأس العالم لسنة 2022. وأضاف قائلا إنّ «أرابتك» متفائلة بأن يكون لها حظ وفير، نظراً لما تتمتع به من خبرة في مجال الإنشاءات السكنية والتجارية والفندقية والرياضية وغيرها، بحسب ما أوردت «أرابيان بيزنس».
ومن جهتها قالت زينة طبري، المدير التنفيذي لشؤون شركة «دريك آند سكل» أنّها واثقة من أن الشركة ستفوز بمزيد من عقود التبريد ضمن مشاريع في قطر، خاصة لمشاريع الملاعب الرياضية.
وقال طوني سعدي، الرئيس التنفيذي لمجموعة «الحبتور لايتون»، إنّ فوز قطر بتنظيم كأس العالم 2022 يؤكد أنّ إنفاق الحكومة القطرية سيزداد ولا سيَّما في مجال الإنشاءات، في إشارة إلى اهتمام الشركة بذلك.

زيادة الفرص المصرية
وعلى المستوى الإقليمي تسعى مصر للفوز بحصة من الكعكة، حيث من المتوقع زيادة فرص شركات المقاولات والعمالة هناك، وكشف مسؤول تجاري مصري عن أنه يجري حاليا تجهيز «ملف موسع» لزيادة حجم التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري مع قطر، للاستفادة من الإنفاق المالي الضخم على استعدادات قطر لاستضافة كأس العالم 2022، مؤكداً أن نصيب الشركات المصرية من حجم الأموال التي ستنفق على هذه البطولة سيعطي دعما قويا لها.
وقال الدكتور حسين عمران، رئيس نقطة التجارة الدولية المصرية، لصحيفة «الشرق الأوسط»: إنه سيتم إجراء اتصالات مع مسؤولين قطريين خلال الفترة القليلة المقبلة للتعرف على احتياجاتهم في القطاعات المختلفة لهذه البطولة الدولية؛ وذلك للعمل وفق دراسة منظمة ولاختيار أفضل الشركات المصرية الحكومية للمشاركة في ذلك، معتبرا أن هذا الحدث سيدعم التعاون القطري- المصري اقتصاديا بشكل كبير.
ويتوقع عمران أن يكون قطاع الإنشاءات المصري في مقدمة القطاعات التي ستستفيد من هذه البطولة العالمية، مستندا إلى ما أعلنته الحكومة القطرية عن عزمها زيادة عدد الملاعب والفنادق لاستيعاب المباريات وعدد الزائرين لقطر.
وتابع رئيس نقطة التجارة الدولية المصرية: إن هناك شركات مصرية موجودة تستثمر في قطر بالفعل، ومن الممكن أن تزيد هذه الشركات من استثماراتها مثل شركة «المقاولون العرب».
ويتوقع الدكتور سمير رضوان، عضو مجلس أمناء هيئة الاستثمار المصرية، أن تؤدي المشاريع الإنشائية التي ستنفذها قطر بمناسبة المونديال إلى زيادة الطلب على العمالة المصرية بشكل ملحوظ ليتضاعف حجمها (يبلغ عددها حاليا 130 ألفا)، مضيفا أن هذا الحدث مكسب لمنطقة الشرق الأوسط كلها.
وقال رضوان: إن هيئة الاستثمار المصرية ستتخذ خطوات متعددة لدعم الشركات المصرية الراغبة في الاستثمار بقطر، كما ستعتبر «خطة عمل» لبحث كيفية الاستفادة الاستثمارية من هذه البطولة العالمية وما سيتبعها من زيادة الإنفاق على الاقتصاد القطري في قطاعاته كافة.
يشار إلى أن استثمارات الشركات المصرية في قطر تتركز بقطاعات المقاولات، والتأمين، والأعمال الاستشارية، والكابلات، والصناعات المعدنية.

استثمارات عالمية
وعلى الصعيد العالمي ذكر موقع «دويتشه فيليه» الألماني أن فوز قطر باستضافة كأس العالم 2022 يفتح شهية الشركات العالمية ومن ضمنها الشركات الألمانية للفوز بعقود ضخمة، لافتاً إلى أن الخبراء يتوقعون أن تعود الفائدة ليس على قطر فحسب، بل وألمانيا أيضاً.
وأكد الموقع أن رجال المال والأعمال وصناع السياسية الاقتصادية الألمان استبشروا باستثمارات ضخمة في قطر وبعقود ستظفر بها لا شك الشركات الألمانية في هذا البلد الغني. 
وتوقع أن تصبح قطر ساحة منافسة اقتصادية حثيثة بين شركات عالمية، وتحديدا بين شركات أوروبية وأخرى آسيوية، تماما كما أثبتت التجربة السابقة، عندما احتضنت قطر الألعاب الآسيوية «الدوحة 2006». 
وفي هذا السياق قالت هيلين رانغ، مؤسسة منتدى رجال الأعمال الألمان في قطر ونائبة رئيس منتدى الشرق الأدنى والأوسط في برلين، في حوار مع «دويتشه فيله»، إن الألعاب الآسيوية بيّنت كيف أن قطر تسعى إلى بناء بنية تحتية قوية وذات جودة عالية؛ «ما يعني أن على الشركات الألمانية، تلبية مطالب الدوحة، مع الأخذ بعين الاعتبار التكلفة المالية التي عليها أن لا تبتعد عن العروض الآسيوية المنافسة».
وأعلنت شركة «هوختيف»، أكبر شركة للبناء في ألمانيا، أمس أن دولة قطر أصبحت مساهما رئيسيا فيها، الأمر الذي يتوقع معه دخول الشركة في مشاريع تطوير البنية التحتية في قطر.
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن قطر ستستثمر 400 مليون يورو (540 مليون دولار) في «هوختيف» في شكل أسهم جديدة، ما يعطي الدولة الخليجية حصة نسبتها %9.1 من إجمالي أسهم الشركة الألمانية، ويخفف من ضغوط عرض الاستحواذ العدائي المقدم من أكبر شركة للإنشاء في إسبانيا.
وكانت شركة «أيه سي أس» الإسبانية قد استحوذت على حوالي %30 من أسهم «هوختيف» في عملية استحواذ لاقت مقاومة عنيفة من جانب شركة البناء الألمانية. وقالت «هوختيف» في بيان لها إنها تهدف إلى زيادة رأسمالها بحوالي %10 وإصدار أسهم جديدة بسعر 57.11 يورو، كما توصلت الشركة إلى اتفاق على مستوى استراتيجي مع مساهمين قطريين جدد.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنّ شركة «ميركوري إنجيريينغ الإيرلندية، وهي شركة أجنبية، قد أسهمت في تحضير عرض قطر للفوز باحتضان كأس العالم 2022 بمشروع تبريد صديق للبيئة يخفّض درجة الحرارة خلال دورة كأس العالم بقطر، وهو ما كان من بين العوامل المهمة في إقناع لجنة الفيفا بقدرة قطر على تخفيض درجة الحرارة العالية خلال موسم كأس العالم 2022. وكانت شركة «دويتشه بان» الألمانية قد أبرمت مذكرة تفاهم في العام الماضي مع شركة ديار للتطوير العقاري، تقوم بموجبها الشركة الألمانية بمهمة إعداد تصميم شبكة السكك الحديدية في قطر، والتي تشمل إقامة المترو، الذي سيربط الاستادات المخصصة لاستضافة مونديال 2022، وخط حديد خفيفا يربط ميناء راس لفان في الشمال بميناء مسيعيد في الجنوب.
ويشمل مشروع مترو الدوحة إنشاء أربعة خطوط بطول 300 كيلومتر عند اكتماله، علما أن المرحلة الأولى تشمل بناء الخط الأحمر والمصمم تسييره بين مدينة الدوحة ومطارها العالمي الجديد.
وكانت قطر قد كشفت في شهر فبراير الماضي عن خطتها لإنشاء شبكة عملاقة من القطارات، التي ستقام فوق الأرض للمسافات الطويلة، وشبكة أخرى من المترو، حيث تبلغ التكلفة الإجمالية للمشروعين، وبطول يصل إلى نحو 700 كيلومتر نحو 133.5 مليار ريال.

تقرير غلوبال
وتوقع تقرير لـ «بيت الاستثمار العالمي (غلوبل)» مؤخراً، أن تكون نتائج فوز قطر بتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2022 عميقة على قطر والمنطقة ككل، مضيفا أنه سيخلق الآلاف من فرص العمل على مستوى الصناعات الأساسية والصناعات المتعلقة بها، كما سيدفع في اتجاه تنفيذ المشاريع التي ما زالت حتى الآن ضمن المخططات.
ويتوقع «غلوبل» نمو نشاط التشييد في قطر، وهو ما سيحفز الكثير من مشاريع البنية التحتية التي تحرز تقدما بطيئا أو تنتظر الفرصة لتتقدم، فضلا عن نمو التشييد التجاري ونصف السكني ليواجه معدلات الطلب ويتوقع أيضا أن تشهد أسعار العقارات تأثرا يتماشى مع أماكن الإقامة التي يتزايد فيها الطلب في مناطق معينة أكثر من المناطق الأخرى.
ونبه «غلوبل»، في تقريره، إلى إمكانية دخول الشركات العالمية والإقليمية بصورة نشطة في السوق القطرية، التي تسيطر عليها حاليا الشركات المحلية وشركات مجلس التعاون الخليجي. كما يتوقع أن تشهد قطر اتفاقيات شراكة للروابط التجارية والأنشطة المبتكرة التي تعتبر حاليا سوقا جذابة مليئة بالفرص. وأشار إلى أن حكومة قطر ستسارع بافتتاح المطار الدولي الثاني في عام 2012، أي قبل عقد كامل من انطلاق المباراة الأولى في كأس العالم 2022، بطاقة استيعابية تتيح التعامل مع 50 مليون مسافر سنويا.
ويتوقع أن يلعب النظام المصرفي في قطر دورا بالغ الأهمية، موضحا أنه عليه تقديم قروض تجارية للتشييد تماشيا مع الإنشاءات العملاقة وتمويل الكيانات الداخلة حديثا للسوق القطرية، مما سيدفع معظم البنوك إلى الطموح في الحصول على النصيب الأكبر من الدخل المقبل، كما ستشهد السوق المالية زيادة في قطاع التأمين، خاصة التأمين المتعلق باللوجيستية والعقارات.
وقال «غلوبل» في التقرير نفسه: إن هذه البطولة توفر لقطر ميزة فريدة لعرض نفسها والمنطقة بشكل فعال، كما ستقلص أي شكوك حول المنطقة، مؤكداً أن هذا الحدث العالمي سيعزز الاعتقاد أن مجلس التعاون الخليجي جزء سريع التطور من الاقتصاد العالمي مع وجود إمكانات متطورة والقدرة على الوقوف في مصاف الاقتصادات الرائدة في العالم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق