الثلاثاء، 21 ديسمبر 2010

الشيخة موزا تتوقع مساهمة البحث العلمي بتقديم حلول لرهانات المونديال

قالت إن منطقتنا أصبحت حقلاً واسعاً للتجارب البيولوجية والكيميائية
الشيخة موزا تتوقع مساهمة البحث العلمي بتقديم حلول لرهانات المونديال

2010-12-14 
الدوحة - محمد عزام  
افتتحت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع الملتقى البحثي السنوي الأول لمؤسسة قطر بمشاركة 500 عالم وباحث من قطر وخارجها، بينهم علماء حاصلون على جائزة نوبل.
ووصفت في كلمتها المنتدى بتجسيد إرادة قطر؛ حتى يصبح البحث العلمي أحد الأسس الاستراتيجية لرؤية قطر الوطنية. 
وأضافت: «منذ 3 أيام تحدثت عن علاقة التعليم بتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية التي تعد من أقوى أشكال العلاقة، حتى إنها أضحت محل إجماع كوني، واليوم أتناول أمامكم مساراً أحسبه وثيق الصلة بذات الموضوع؛ حيث إنه جزء مهم منه؛ بسبب أن الأهداف الإنمائية للألفية وسبل تنفيذها تمثل سياقه».
وتساءلت: «كيف يمكن للعالم النامي، أي غالبية البشر في هذا الكون، الانخراط في الطفرة العلمية والتكنولوجية، وتوظيف نتائجها لتحقيق تلك الأهداف؟ 
وكيف يمكن لهؤلاء ألا يظلوا واقفين وقوف انبهار وفرجة أمام ما شهدته العقود الأخيرة من ثورة في الابتكار العلمي والتكنولوجي؟ 
وتابعت سموها: الواقع مع كامل الأسف يبين بوضوح تام أن الاستفادة من الطفرة العلمية ليست شاملة ولا عادلة لكل البشر، حيث إنها وجه آخر لمعادلة أو توزيع (باريتو) أي 20 إلى 80.
وأشارت إلى أنه بات مستساغاً ومقبولاً الحديث عن العولمة التربوية، الاقتصادية، والثقافية والمعلوماتية وقالت: «آن الأوان لكي يكون للعولمة البحثية مكانها أيضاً».
وأوضحت سموها أن العولمة البحثية تعني تلك التي لا تتوقف عند البحث عن الأسواق، واقتناص الفرص المتاحة والمكسب المربح، حتى تأخذ العولمة البحثية بعين الاعتبار خصوصيات ومتطلبات واحتياجات العالم النامي، وقالت «علينا أن نقتنع جميعاً بأننا قد تجاوزنا مرحلة مناقشة مبدأ وجوب تعزيز فرص البحث العلمي، فهذا الأمر أصبح بديهياً.
وتساءلت: لكن أي بحث علمي يا ترى؟ أهو ذاك المحصور في قطب واحد متحكم في أدواته ونتائجه؟ أم البحث العلمي الذي يجب أن يكون شاملاً، أي ديمقراطياً متاحاً وفي متناول الجميع؟
وأكدت على استمرارها في المناداة بأن التعليم يجب ألا يستورد أو يفرض، وإنما عليه أن ينمو في البيئة المحلية ويترعرع فيها، فكذلك البحث العلمي الذي يجب أن يقوم على مراعاة متطلبات المعرفة المحلية وتلبية وخدمة الواقع الاجتماعي.
وقالت إن البحث العلمي يجب أن يأخُذ في الاعتبار حاجيات الدول النامية، وألا يبقى مقتصراً على تلبية احتياجات فئة قليلة من البشر؛ حيث إن احتياجات المجتمعات النامية ما زالت تسعى إلى تحقيق الضروري لحفظ الحياة، بينما هي في المجتمعات المتقدمة تهدف إلى تحقيق الرفاهية، ومن المطلوب، ونحن نتحدث عن ديمقراطية البحث العلمي، أن نفكر في احتياجات ومتطلبات وقدرات أغلبية ساكنة الكون، وتجب علينا الإجابة على تساؤلات كيف يمكن إقناع صناع القرار، والمراكز البحثية المرموقة، والقطاع الخاص والمؤسسات الكبرى، وهي الأطراف التي ترسم سياسات البحث العلمي، وتمسك بزمام تمويله؛ لكي تغير أو على الأقل تعيد ترتيب أولوياتها من تحقيق الربح والفائدة فقط إلى المساهمة في بناء شراكات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال البحث العلمي، وذلك بمساعدة مجتمعات تفتقد الوسائل؟
وأشارت صاحبة السمو إلى أن توفير التمويل اللازم من بين الأولويات لإطلاق بحث علمي واقعي مستجيب للاحتياجات ومحقق للأهداف، وقالت: كيف يمكن القضاء على المجاعة التي تهدد مئات الملايين من البشر إذا لم تطلق مشاريع بحثية بشراكة مع المؤسسات المحلية، لتحقق التطور المطلوب للإنتاج الزراعي، كما هو الحال في إفريقيا؟ وهذا ما ينطبق أيضاً على مكافحة الملاريا والسل وداء فقدان المناعة وكيف يمكن تطوير بنية بحثية بالمجتمعات النامية؛ حتى تصبح طرفاً استراتيجياً وفاعلاً في بلورة وتنفيذ بيان (كانكون) لمقاومة التغيرات المناخية والذي صُدِّقَ عليه بالأمس، والحرص على استدامته؟
وفي وطننا العربي كيف يمكننا من خلال تعزيز بنية البحث العلمي مواجهة التحديات على مستوى الأمن الغذائي والمائي؟ وبالخصوص الأمن البيئي الذي لا يعاني في منطقتنا من التغيرات المناخية فحسب، وإنما يعاني أكثر -ومع كامل الأسف- من نتائج سوء توظيف البحث العلمي؛ حتى أصبحت منطقتنا حقلا واسعا للتجارب البيولوجية والكيميائية.
ولفتت إلى أن الاستخدام غير المبرر لمستجدات التكنولوجيا العسكرية أدى إلى اختلال التوازن البيئي، وقالت: «اختل التوازن ليس من حيث الغلاف الجوي فقط، ولكن أيضا الأحواض المائية والتربة الأرضية؛ مما هدد كافة الكائنات الحية في الحال والمستقبل، وهنا تأتي مسؤوليتنا الجماعية والفردية في تطوير أطر عمل بحثية، كفيلة بإيجاد حلول متناسبة واحتياجات مجتمعاتنا العربية، فالبحث العلمي إذن هو السبيل إلى المصالحة مع البيئة وجبر ضررها».
وذكرت الشيخة موزا أن قطر عمدت إلى إحداث بنية بحثية مفتوحة لكافة الكفاءات من خلال تأسيس واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا والمراكز البحثية المتخصصة في البحوث البيولوجية الطبية، وتكنولوجيا المعلومات وعلوم البيئة وتوفير التمويل اللازم من خلال إحداث صندوق رعاية البحث العلمي والوقف المخصص لنفس الغرض.
وأكدت أن البنية البحثية تحتاج إلى وضع استراتيجية قريبة، متوسطة وبعيدة المدى، وتحتاج قبل هذا وذاك إرادة سياسية راسخة، والتوجه الذي اعتمدناه في قطر، في أفق تحقيق أهداف رؤية 2030 يقوم على إعداد الأطر الوطنية وتأهيلها لبناء شراكات عربية، إقليمية ودولية، وتوجيه البحوث ووضعها في سياق تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.
وذكرت أن البحث العلمي يجب أن يتسم بالقدرة على إنجاز الأهداف الاستراتيجية كأولويات، كما يجب عليه الاستجابة للمتغيرات المواكبة للرؤية الوطنية. وأتوقع أن يساهم البحث العلمي في قطر في تقديم الحلول لمختلف الرهانات التي قد نواجهها، ونحن نعدّ العدّة لاستضافة كأس العالم 2022 بحيث يصبح البحث العلمي –كالتعليم- مساراً للحل، أي سبيلاً للتنمية من خلال تطوير وتأهيل القدرات والكفاءات البشرية.
وقالت سموها: «لدينا سنة من الآن؛ لإعداد مشاريع بحوث، وتقديم دراسات لبعض المفاصل البحثية التي تفيدنا في قطر وفي بقية المجتمعات النامية في وطننا العربي، في إفريقيا، وجنوب الصحراء، وآسيا والعالم ونحن في مرحلة دقيقة، علينا من الآن فصاعداً ألا نقبل التقليد أو نقنع بالاستنساخ، لا نريد مشاريع بحثية مستنسخة، وهجينة قد لا نستفيد منها ونريد منتدى مبدعاً، مبتكراً، متميزاً يتخصص في تقديم الحلول والبدائل وبناء الشراكات؛ لأجل مساعدة المجتمعات النامية على ولوج النادي البحثي بعضوية كاملة لا شرفية، ولا كمراقب، وهكذا أرى المنتدى، وإلا فلا فائدة ترجى منه إن كان هدفه رصد ما أنجزه الآخرون فقط، حيث إن عهد الصدمة والانبهار ولى وانقضى، ولنبدأ عهد الشراكة والندية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق