الثلاثاء، 28 ديسمبر 2010

خبراء بريطانيون: قطاع المرافق القطري سيواجه التحديات بكفاءة

مشاريع «كهرماء» خطوة استباقية للأحمال القياسية المتوقعة
خبراء بريطانيون: قطاع المرافق القطري سيواجه التحديات بكفاءة

2010-12-28 
لندن - نور النعيمي  
قال خبراء متخصصون في قطاع المرافق ببريطانيا، إن مشاريع مونديال 2022، تشكل تحديا كبيرا للمؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء (كهرماء)، في تلبية الكم الكبير المتوقع على الطاقة الكهربائية والماء خلال العقد المقبل.
لكن الخبراء شددوا في أحاديث مع «العرب»، على قدرة «كهرماء»، على مواجهة هذا التحدي، من خلال مشاريع مدروسة، تهدف إلى رفع القدرات الإنتاجية من الطاقة الكهربائية في البلاد، وإدخال منظومات مبتكرة في الإنتاج والتوزيع، ربما تشمل استخدامات الطاقة النووية.

ويرى كيغن فيتزجيرالد، الباحث المتخصص في شركة «إنيرجي آي»، التي تتخذ من لندن مقرا لها، أن إعلان منح قطر شرف تنظيم كأس العالم لكرة القدم للعام 2022 حدث مهم وهائل للبلد وللمنطقة بأسرها، وبالطبع سيكون هذا الحدث حافزا لاعتماد واسع النطاق على تكنولوجيا الشبكة الذكية في إنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية في جميع قطر وجميع أنحاء الشرق الأوسط.
وتابع: «إن الحاجة القوية في الوقت الراهن للطاقة بشكل عام وللطاقة الكهربائية بشكل خاص بفعل متطلبات التنمية الكبيرة، التي تقوم في المنطقة تجعل اعتماد تطبيقات الحلول التقنية الذكية في الإنتاج والتوزيع، لتقليل التكاليف وترشيد الاستهلاك وتحسين الجودة وكفاءة شبكات الكهرباء، تجعل من ذلك أمرا لا مفر منه، وفي هذا الصدد فإنه يجب الإشارة إلى الدراسات التي تجرى حاليا لمعرفة مدى الجدوى من تبني حلول الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء في قطر».

تطبيقات الطاقة النووية
وفيتزجيرالد، يشير هنا بالطبع إلى إعلان عيسى هلال الكواري، عضو مجلس إدارة منتدب في «كهرماء» مطلع العام الحالي، أن قطر تبحث في ما إذا كان توليد الكهرباء من الطاقة النووية سيعود بالفائدة على البلاد أو في ما إذا كان مشروعاً جماعياً في دول مجلس التعاون الخليجي.
وقد كان من المفترض اكتمال دراسة جدوى ضخمة تقوم بها «كهرماء» على هذا الموضوع بحلول نهاية الشهر الجاري، ولو تم الإعلان عنها في الأيام المقبلة، فإنه من المحتمل أن تتّخذ قطر خلال العام المقبل، قرارها بشأن تطوير طاقتها النووية لإنتاج الكهرباء، وذلك في إطار سعيها إلى تقليص الاعتماد على إنتاج الطاقة من الوقود الأحفوري.
وفي حال عملت قطر على تعزيز قدراتها على توليد الكهرباء من الطاقة النووية، فستكون قادرة على التعامل مع فائض الكهرباء في منطقة مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي سيتيح للأعضاء الستة عند انتهائه، بيع الكهرباء لبعضهم بعضا.
وتسعى قطر إلى تنويع محفظة الطاقة خاصتها من أجل تقليص مدى اعتمادها على الغاز في إنتاج الكهرباء، واستخدام الوقود في أغراضٍ أخرى، على غرار إنتاج البتروكيماويات وتصديرها على شكل سائل.

بوابة قطر
وأضاف «أن المشاريع المقترحة في قطر بفعل التنمية أولا، وبفعل حدث مونديال ثانيا، ربما ستكون فرصة مثالية لإدخال أنظمة عمل في إنتاج وتوزيع الطاقة مبتكرة إلى المنطقة من خلال بوابة قطر، ذلك أن قطر لن تستطيع أن تمضي قدما في استضافة المونديال من دون الشروع بمشاريع بنى تحتية كبيرة وطموحة، وبالتأكيد فإن الحاجة الماسة إلى الطاقة الكهربائية ستتضاعف مرات ومرات.
وتابع «لا شيء يعمل من دون كهرباء، كما أنه لا يجد إنسان يعيش من دون ماء».
يذكر المؤسسة القطرية للماء والكهرباء «كهرماء»، منحت منتصف الشهر الجاري مجموعة (ABB)، التي تهتم بإدارة الطاقة والإنتاجية والتكنولوجيا، عقدا بقيمة 140 مليون دولار، لتنفيذ وتطوير نظم محطات ومنشآت كهرباء جديدة في قطر، للمساعدة في تعزيز شبكة الكهرباء الحالية، ومن المتوقع أن يكتمل المشروع بحلول نهاية عام 2012.
وطبقاً للعقد، ستقوم (ABB)، ببناء أربع محطات فرعية جديدة لنقل الكهرباء، فيما تقوم بتطوير وتحديث أربع محطات قائمة للمساعدة في توليد الكهرباء في البلاد لتلبية الطلب المتزايد في القطاع السكني والتجاري، لاسيَّما في منطقة الريان الجديدة وغيرها من الضواحي والمناطق المحيطة بها، باعتبارها منطقة أسرع وأكبر نمو في الدوحة.

موجة شركات
من جانبه يرى الدكتور ظفر تمجيدي، الأستاذ في كلية «هونسلو» الجامعة، أن «على قطر أن تستعد لاستقبال عدد كبير من الشركات الباحثة عن فرصة عمل في مشاريعها وبالأخص مشاريع المرافق التي تتضمن منشآت إنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية والماء والصرف الصحي ومعالجة مياه الصرف الصحي وغيرها من مشاريع قطاع المرافق».
وأضاف «خلال العقد القادم أرى أن قطاع المرافق في دولة قطر وباقي دول منطقة الخليج، سيحقق طفرات واسعة من حيث الكم والنوع، فمع نمو سكاني معتبر ومشاريع تنموية هائلة فإن حجم النمو في هذا القطاع سيكون بنسبة تراكمية تبلغ على الأقل %12 سنويا».

طلب متنامٍ
وقد سجل الطلب على الطاقة ارتفاعاً سريعاً في السنوات الأخيرة في قطر وفي دول الخليج، التي تعتبر أهم منطقة منتجة للنفط في العالم، بدفع من النمو السكاني السريع واستثمارات البنية التحتية والتنوع الاقتصادي التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، بالإضافة إلى استثمارات انطوت على تطوير صناعات على غرار الحديد والبتروكيماويات.
وخلصت دراسة للوكالة الدولية للطاقة الذرية أجرتها في العام 2007 إلى أن هناك جدوى اقتصادية في إقدام دول مجلس التعاون الخليجي على استثمارات في مجال الطاقة.
من جانبها تسعى «كهرماء» لتوسيع أسرع في تعزيز شبكة الكهرباء، لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في المنطقة، وتضم شبكتها نقل نحو 200 محطة الجهد الأساسي العالية والجهد الفائق، فضلا عن مئات الكيلومترات من الخطوط الهوائية والكابلات الأرضية. 
وتضم شبكة توزيع «كهرماء» حوالي 6500 محطة منخفضة ومتوسطة الجهد، توصل الكهرباء إلى المستهلكين من خلال أكثر من 4500 كلم من خطوط الكابلات.

جاهزية وأولوية
أما باربارا جولدهوك، من معهد الطاقة في «نيوكافينديش» في لندن، فترى أن قطاع المرافق في دولة قطر سيكون ذا الأولوية في منح تراخيص الإنشاءات خلال الفترة المقبلة. وبررت ذلك «بحاجة كافة المشاريع الأخرى إلى خدمات قطاع المرافق، فعلى قطاع المرافق القطري أن يكون جاهزا منذ الآن لاستقبال حجم هائل من الطلب على الكهرباء والماء والصرف الصحي وغيرها بفعل النمو المتوقع في قطاع البناء والإنشاءات وفي قطاع الخدمات».
وارتفعت مستويات استهلاك الطاقة في قطر بنسبة متوسطة قدرها %10.5 خلال السنوات العشر الماضية، وفقاً لما أظهرته أرقام «كهرماء»، ومن المتوقع أن يصل الإنتاج إلى 8761 ميغاوات في العام المقبل 2011.
هذا ومن المتوقع أن يزداد إنتاج المياه المحلاة الذي يتطلب كميات كبيرة من الكهرباء، بنسبة %24 إلى 325 مليون غالون بريطاني في اليوم الواحد بحلول أواخر العام 2012، وذلك بالمقارنة مع المستويات الحالية.
وتعتزم «كهرماء» إنفاق 9 مليارات دولار لدعم وتعزيز شبكة توزيع المياه في قطر.

ميزة وتحدٍّ
وتابعت جولدهوك، أن لدى قطر تحديا وميزة في آن معا، فالتحدي هو عبارة عن عدم اكتمال وجهوزية البنى التحتية الحالية، أما الميزة فهي أن قطر لن تكون مضطرة إلى تحديث البنى التحتية بقدر ما ستكون بحاجة إلى بناء كامل للبنية التحتية، بمعنى أن لديها فرصة لبناء كل شيء وفق أسس سليمة وعلمية وعملية، وهذا الأمر على عكس جنوب إفريقيا، حيث عانت كثيرا من إحلال البنى التحتية المتهالكة لديها ببنى تحتية جديدة ما زاد من التكلفة وقلل من الجودة».
وأضافت أن «قطر مقبلة على فرصة تأتي مرة واحدة في عمر الشعوب والبلدان، وهي النهوض بكل مفاصل الحياة في البلد، وتقديم صورة مشرفة لبلدان الخليج العربي والشرق الأوسط، الأمر الذي سيجعلها تكون أكثر من مجرد بوابة للعالم بل ممرا ومعبرا وجسرا رئيسيا بين نقاط الحضارة الرئيسية في العالم الحالي الممتدة في أوروبا وأميركا الشمالية وجنوب شرق آسيا».

تحديات وأسئلة
إلى ذلك يطرح بوتني وود، المدير المفوض لشركة «لانكستر جيت» المتخصصة في الخدمات اللوجستية للمشاريع العملاقة، «إنه ليس من السهل على بلد صغير مثل قطر استضافة هذا الحدث الضخم، إلى الحد الذي جعل البعض يتساءل عن مدى موثوقية قطاع الكهرباء القطري على تلبية الطلب الهائل للطاقة، مع القدرة على إدارة برنامج توزيع ناجح وذي كفاءة عالية بما يمنح من الإفراط في الاستهلاك».
ويضيف «على الصعيد المقابل للمعادلة، كيف ستتمكن قطر من إعادة تعريف مفاهيم تنقية المياه وإعادة ضخها إلى منظومة الإسالة؟ وكيف ستتعامل مع كميات هائلة من المياه الثقيلة التي تفرزها منشآت البتروكيماويات والصناعات النفطية في البلاد؟».
«كل هذه الأسئلة ستكون عبارة عن مشاريع تحديات تواجه القائمين على قطاع المرافق القطري».
لكنه يستطرد «يمكنني القول إنه رغم كل هذه التحديات، فإن قطر ستكون قادرة بحلول العام 2022، وربما قبل ذلك، على إكمال مشاريع قطاع المرافق كاملة لما تتوافر عليه البلاد من سيولة مالية كبيرة، وأيضاً توافر خبرات كبيرة في القطاع موجودة حاليا وتعمل بالفعل في قطر والبلدان الخليجية المجاورة».


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق