الثلاثاء، 28 ديسمبر 2010

استثمارات مونديال 2022 ستقود نمو الاقتصاد القطري

تتمتع بأعلى معدلات نمو في منطقة الخليج
استثمارات مونديال 2022 ستقود نمو الاقتصاد القطري
ستاندارد اند بورز: 64 مليار دولار إنفاق قطر على البنية التحتية الإضافية
ستاندارد تشارترد: اقتصاد قطر نما بنسبة 8% في 2010 وبنسبة 5% في 2011
عائدات المحروقات ستستمر في تأمين مصدر التمويل الرئيسي للمشاريع
دبي- ا ف ب :
رأى محللون وخبراء اقتصاديون ان الاستثمارات في البنى التحتية التي ستقوم بها قطر بعد فوزها بشرف استضافة مونديال 2022 ستقود على الارجح حركة النمو الاقتصادي في هذا البلد الغني جدا بالغاز. وتتمتع قطر اصلا بأعلى معدلات نمو في منطقة الخليج بفضل الاستثمارات الضخمة في مشاريع الغاز التي تهدف الى رفع القدرة الانتاجية وتعزيز الصادرات الغازية. ويتوقع المحللون ان تتجه معظم الاستثمارات الى سلسلة المشاريع التي يتعين على قطر انجازها لاستضافة مونديال 2022، خصوصا ان قطر حققت هدفها بالوصول الى قدرة انتاجية بحدود 77 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا. وقال كبير الاقتصاديين في مصرف ستاندارد تشارترد الشرق الاوسط وشمال افريقيا فيليبي دوبا بانتانتشي ان "محركات نمو اجمالي الناتج المحلي ستتغير". واضاف ان "نمو اجمالي الناتج المحلي القوي في السنوات الاخيرة كان يعود الى تطوير انتاج الغاز الطبيعي المسال لكن تكدس قيمة الاصول الناتجة عن اعمال البنى التحتية ستحل مكانه في نمو الناتج" حتى مونديال 2022. وذكر مصرف ستاندارد تشارترد ان اقتصاد قطر نما بنسبة 8% في 2010 وبنسبة 5% في 2011. وسيكون على قطر اصغر بلد على الاطلاق يحظى بشرف استضافة المونديال، انشاء بنية تحتية كاملة. وتقوم السلطات بشق طرقات جديدة وهدم مبان قديمة لافساح المجال امام المشاريع الجديدة. وتشمل المشاريع المنتظرة شبكة مترو وقطارات بـ25 مليار دولار. وستكون مراحل من هذا المشروع جاهزة عند استضافة المونديال. كما يتم انشاء مطار جديد في الدوحة بعشرة مليارات دولار، وسيتم افتتاح المرحلة الاولى منه في 2012. ومن المشاريع الاخرى ميناء في المياه العميقة بكلفة سبعة مليارات دولار وجسر يربط بين البحرين وقطر باربعة مليارات دولار. كما تنوي قطر انفاق عشرين مليار دولار في انشاء طرقات جديدة وتطوير الطرقات الموجودة حاليا. اما المشاريع المرتبطة مباشرة بالمونديال فهي خصوصا انشاء تسعة ملاعب جديدة وتجديد ثلاثة ملاعب موجودة بكلفة تصل الى اربعة مليارات دولار. ومن المفترض ان يتم تبريد هذه الملاعب باستخدام تقنيات متطورة تعمل على الطاقة الشمسية. كما وعد المسؤولون القطريون بان يتم انشاء تسعين الف غرفة فندقية جديدة قبل العام 2022. وقال بنك الكويت الوطني في تقرير ان "استضافة المونديال ستفرض مهلا زمنية ضيقة وتتسبب بمزيد من الانفاق، كما ستجلب خبرات ومحفزات جديدة". الا انه ليس من المتوقع ان يبدأ العمل قريبا في قسم كبير من هذه المشاريع لان المونديال لن ينظم في قطر الا بعد 12 عاما، حسبما افاد دوبا بانتانتشي. وقال الخبير الاقتصادي في هذا السياق ان "الحدث سيحصل بعد 12 عاما وغالبية المشاريع لن تنطلق في المستقبل القريب لذا لا اعتقد ان التأثير على نمو اجمالي الناتج الدخلي سيكون وشيكا". واشار الى ان "قسما كبيرا من هذه المشاريع الكبرى كان مخطط لها اصلا والفرق الآن هو انه سيتم تسريع هذه المشاريع على الارجح". وانتعشت بورصة الدوحة بعد فوز قطر باستضافة المونديال لاسيما اسهم الشركات العقارية. الا ان السوق تراجعت بعد ذلك بسبب المخاوف من الافراط في التفاؤل حول الارباح المتوقعة بسبب المونديال. واكدت وكالة "ستاندارد اند بورز" للتصنيف الائتماني ان عامل المونديال ما زال بعيدا ليتم اخذه في الاعتبار في عملية التصنيف. وقالت الوكالة "لا نتوقع اي تغيير في التصنيف حاليا اذ ان 2022 ما تزال بعيدة في المستقبل مقارنة بافق النظرة المستقبلة المستقرة الذي نعتمده". الا ان "ستاندارد اند بورز" اعربت عن الاعتقاد بان المونديال "سيكون له تأثير كبير على النمو الاقتصاد القطري الواعد اصلا خلال السنوات المقبلة مع استعداد البلاد لاستضافة هذا الحدث الرياضي الكبير". وقدرت الوكالة انفاق قطر على البنية التحتية الاضافية بـ 64 مليار دولار، ما يمثل 47% من حجم اجمالي الناتج المحلي الحالي. وليس من المتوقع ان تواجه قطر صعوبة في دفع تكاليف مشاريع التطوير لاستقبال هواة كرة القدم من سائر انحاء العالم. وقال دوبي بانتانتشي في هذا السياق ان "عائدات المحروقات ستستمر في تأمين مصدر التمويل الرئيسي" للمشاريع مذكرا بان قطر سبق ان اعلنت بانها لن تطرق ابواب اسواق المال العالمية للاستدانة. وكذلك توقعت "ستاندراد اند بورز" بالا ترتفع مستويات المديونية السيادية القطرية بشكل كبير. من جهة اخرى، من المتوقع ان تجتذب قطر اعدادا كبيرة من المقاولين والعمال مع العلم ان البلاد وصل عدد سكانها الى حوالى 1.67 مليون. وقال دوبا بانتانتشي "سنشهد ارتفاعا في حركة قدوم الوافدين الى قطر والشركات الاقليمية بدأت عملية اعادة تموضع".
جدير بالذكر ان بنك قطر الدولي (IBQ ) كان قد أصدر تقريرا أشار فيه الى ان الانفاق الحكومي الكبير على المشاريع التطويرية المدعوم باستضافة كأس العالم سيعزز الاقتصاد القطري . ومن شأن هذا الحدث أن يسرع من وتيرة تنفيذ المشاريع وفق أطر زمنية محددة وأن يوفر المزيد من المحفزات على تحقيق الرؤية الوطنية لقطر للعام 2030.كما توقع التقرير أن تستفيذ كامل منطقة الخليج من ذلك، خاصة المقاولين الإقليميين والشركات والمؤسسات المالية.
واوضح التقرير في الثاني من ديسمبر الجاري، منحت الفيفا قطر حق استضافة كأس العالم في العام 2022. وتعتبر هذه الكأس واحدة من أكثر الأحداث الرياضية التي تتنافس دول العالم على استضافتها. فمن ناحية، يجتذب كأس العالم المشجعين من كافة أنحاء العالم، إلى جانب اللاعبين والجسم الإداري والمنظمين والصحافيين، ويتابعه مليارات من حول العالم. ويقدّر أن كأس العالم الذي استضافتها جنوب أفريقيا في العام 2010 قد استقطبت حوالي نصف مليون زائر، أي ما يعادل ثلث التعداد السكاني الحالي في قطر تقريبا. وستكون قطر أيضا أصغر اقتصاد يستضيف كأس العالم، ما يشير إلى أن هذا الحدث سيكون له تأثير كبير جدا نسبيا.
وأشار التقرير الى انه قبل إعلان الفيفا، كانت قطر قد وضعت خطة لإنفاق 100 مليار دولار أمريكي، أي حوالي 87% من الناتج المحلي الإجمالي– والذي يقدّر في العام 2010 بالأسعار الجارية 115 مليار دولار- على إنشاء بنية تحتية أو تطوير البنية الحالية على مدى السنوات القليلة المقبلة. ويأتي هذا الإنفاق كجزء من الرؤية الوطنية الطموحة للبلاد في العام 2030 والتي تهدف إلى تحديث الدولة.
وكجزء من الخطة، ستنفق الحكومة أكثر من 40 مليار دولار على المشاريع، فيما ستتكفل هيئات حكومية مثل قطر للبترول بدفع ما تبقى. وتشكل المشاريع الضخمة جزءا مما ستتضمّنه الخطة، خاصة في قطاعي النقل والإسكان. وتتضمن الخطة شبكة قطارات وقطارات أنفاق بقيمة 25 مليار دولار، كانت أصلا مدرجة لتنجز مع حلول العام 2025، رغم أن بعض أجزاء هذا المشروع كان مخططا لها أن تنجز قبل ذلك.
كما أن قطر الآن في مرحلة متقدمة من المرحلة الأولى من مشروع بناء المطار الجديد الذي تبلغ قيمته 10 مليارات دولار، والمسمى مطار الدوحة الدولي الجديد‎ والذي سيحّل لاحقا محلّ المطار الحالي. ومن المفترض أن تفتتح المرحلة الأولى من المشروع في أواخر العام 2011 أو بداية العام 2012، على أن يتم إنجاز المراحل اللاحقة ما بين عامي 2012 و2027. وسيكون لدى المطار الجديد عند اكتماله القدرة على خدمة 24 مليون مسافر سنويا.
ومن المشاريع البارزة الأخرى، مرفأ بحري بكلفة 7 مليارات دولار ومعبر بقيمة مليار دولار يربط المطار بمشاريع في الجزء الشمالي من الدوحة، كما سينفق مبلغ 20 مليار دولار إضافي لبناء الطرقات وتوسيعها. وإضافة لذلك، توجد حاليا عدة مشاريع للإسكان قيد الإنشاء وهناك خطط لبدء المزيد منها لتأمين السكن لسكان قطر الذين يتزايدون بشكل هائل، إذ ازدادوا بنسبة 128% منذ العام 2004 (يبلغ تعداد السكان في قطر حاليا 1.7 مليونا).
ومن شأن استضافة كأس العالم قبل كل شيء أن تسرع من وتيرة تنفيذ المشاريع ووضع إطار زمني ثابت لها. وكخطوة أولى، أعلن المسؤولون في قطر إطلاق عدد كبير من المشاريع يبلغ 200 مشروع في مناطق مختلفة مع بدء الربع الأول من العام 2011. وتعهد المسؤولون أيضا بأن التحضيرات لكأس العالم ستدفع مشاريع القطارات وقطارات الأنفاق قدما وذلك من أجل التمكن من توفير خدمات المواصلات للأعداد المتدفقة من السياح. وإلى جانب ذلك، قد يحظى الجسر الذي يصل بين قطر والبحرين بالضوء الأخصر لبدء العمل به بعد أن شهد تأجيلات عدة منذ الإعلان عنه. وتصل تكلفة هذا المشروع إلى 4 مليارات دولار.
وفي حين كانت المشاريع قد خطط لها بشكل مستقل عن كأس العالم 2022، ستستفيد قطر أيضا من الإنفاق الإضافي على مشاريع سيتم تنفيذها فقط من أجل كأس العالم. وستلقى قطر دعما غير متوقع من جهتين أساسيتين. فمن ناحية، ينص العرض المقدم على وجود 12 استادا جاهزا مع حلول العام 2022. وتبلغ تكلفة إنشاء هذه الاستادات 4 مليارات دولار، بما في ذلك ثلاثة قائمة حاليا سيتم توسيعها، وتسعة جديدة سيتم بناؤها حسب أحدث المواصفات بسعة 43,000 لكل منها على الأقل. ومن جهة أخرى، تعتزم قطر بناء 90,000 غرفة فندقية إضافية. ورغم أن متطلبات الفيفا تفرض على قطر بناء 65,000 غرفة فقط، إلا أن قطر قد تعهدت ببناء 25,000 غرفة إضافية لضمان سد الحاجة من هذه الناحية.
وبالفعل، فإنه يجب عدم الاستهانة بالدعم الذي ستقدمه استضافة كأس العالم للاقتصاد القطري. ويأتي هذا الدعم في الوقت المناسب، إذ أنه يتزامن مع بلوغ قطر إنتاجها المستهدف من الغاز الطبيعي المسال والبالغ 77 مليون طن سنويا، ووسط الكثير من الأحاديث المتضاربة بشأن قدرة قطر على استدامة نموها السريع بعد أن تكمل مشاريعها المتعلقة بالغاز.
واكد التقرير أن قطر ستستفيد بشكل ملحوظ من الإنفاق المخطط له حاليا، ومن تأثير استضافة كأس العالم. وأول ما سينتج عن هذه الاستضافة هو استمرار النمو الاقتصادي في وقت كان فيه النمو السريع الذي أحدثه بناء القدرات الهائلة في قطاع الهيدروكربون في السنوات الأخيرة على وشك أن ينتهي. وسيساعد هذا البرنامج العريض للإنفاق على تنويع الاقتصاد بعيدا عن مجال الهيدروكربون، كما سيتمكن القطاع الخاص من لعب دور أكبر، مقلّصا بذلك إسهام الحكومة في الاقتصاد.
وسيساعد الاستثمار في البنية التحتية أيضا على التخلّص من بعض أوجه القصور التي تراكمت في مجالات عدة، وذلك لأن التوسع في البنية التحتية لم يتمكن من اللحاق بركب النمو السريع للاقتصاد أو للسكان. وستعيد الاستثمارات الجديدة التوازن للاقتصاد وتساعد على تهيئة البنية لمزيد من النمو في المستقبل. ويبشّر ذلك أيضا بالخير بالنسبة لخطط قطر بتعزيز السياحة لتصبح قطبا جاذبا في المنطقة.
وسيحدث الإنفاق أيضا ترددات هائلة في القطاع المالي في البلاد، إذ قد يكون القطاع المصرفي والاستثماري أحد المستفيدين الرئيسيين منه. فقد كانت المشاريع المدعومة حكوميا فعّالة جدا في العام 2010 في مساعدة القطاع المصرفي على استعادة انتعاشه بسرعة عقب الأزمة المالية العالمية. وستمكن المخططات المستقبلية المصارف على إيجاد إيرادات مستدامة عن طريق إتاحة نمو في بيان الميزانية وزيادة التعاملات التي تخضع لرسوم. وقد ينتج عن هذا المخطط أيضا أسواق مالية أعمق مع لجوء العديد من الشركات لطرح أسهما للاكتتاب العام من أجل تأمين التمويل اللازم. وسيساعد هذا الأمر على تحسين درجة تنافسية قطر ومحاولتها لتصبح واحدا من المراكز المالية في المنطقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق