الأربعاء، 5 يناير 2011

الصناعة في قطر: استثمارات ضخمة لبلوغ العالمية

الصناعة في قطر: استثمارات ضخمة لبلوغ العالمية

2011-01-04 
الدوحة - محمد عمار  
شهدت الصناعات على تنوعها في قطر تطورات كبرى خلال السنوات الأخيرة, خاصة البتروكيماوية منها, بعد التوسعات الضخمة التي جاءت مواكبة لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي، كما شهدت الصناعات الصغيرة والمتوسطة تطورات كبيرة خلال الفترة الأخيرة بعد إعلان الدولة عن جهاز قطر للمشاريع الصغرى والمتوسطة, الذي يساعد على بعث المشاريع, إضافة إلى بنك التنمية الذي يسهم بشكل أو بآخر في تمويل هذه المشاريع. إلى ذلك بدأت الصناعات التحويلية والغذائية تشق طريقها من خلال «التحويلية» والتنوع في إنتاجها, المعتمد بشكل كبير على مشتقات البترول والغاز.

وتقوم صناعة البتروكيماويات على (اللقيم) الأساسي, الناتج من المواد المرافقة للغاز الطبيعي مثل الإيثان وسوائل غاز البترول والكبريت وغيرها. ونظرا لتوفر اللقيم الأساسي للصناعات البتروكيماوية بكميات كبيرة, مع الزيادة في إنتاج الغاز الطبيعي، فقد أدى ذلك إلى التوسع في هذه الصناعات, خاصة خلال السنوات القليلة الماضية ما جعل هذه الصناعة تحتل مكانة كبيرة على مستوى العالم من حيث الحجم في إنتاج عدة مواد بتروكيماوية مثل الإيثيلين والبولي إيثيلين, بنوعيه منخفض الكثافة وعالي الكثافة, إضافة إلى مادتي الأسمدة الكيماوية من اليوريا والأمونيا. وقال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الطاقة والصناعة القطري عبدالله بن حمد العطية في تصريحات أدلى بها مؤخرا إن التكاليف المالية للصناعات البتروكيماوية الجاهزة والتي يجري إنجازها حاليا تقدر بالمليارات, ضمن إجمالي الاستثمارات التي تزيد على 100 مليار دولار في صناعة الغاز المسال وتحويله إلى سوائل, وكافة الصناعات الأخرى البترولية. 
وأوضح العطية أن خطط الصناعات البتروكيماوية القطرية المستقبلية تهدف إلى الوصول بالإنتاج من مختلف المنتجات البتروكيماوية إلى 28 مليون طن متري سنويا مع حلول عام 2014, وذلك من حوالي 12 مليون طن متري سنويا حاليا. وقال إنه من حسن الحظ أن الصناعات البتروكيماوية القطرية تعتمد اعتمادا شبه كامل على اللقيم الأساسي من الغاز الطبيعي الذي يزداد إنتاجه سنويا ليصل عام 2014 إلى حوالي 23 مليار قدم مكعبة يوميا, منها حوالي ملياري قدم مكعبة يوميا إلى الإمارات العربية المتحدة, عبر مشروع دولفين, والباقي لصناعات تسييل الغاز الطبيعي لإنتاج 77 مليون طن متري سنويا.
وتوقع الدكتور محمد يوسف الملا, مدير عام شركة قطر للبتروكيماويات (قابكو) في تصريحات لـ «العرب» أيضا أن يصل حجم استثمارات قطر في الصناعات البتروكيماوية إلى حوالي 12 مليار دولار بحلول عام 2012. ونظرا لإنتاج هذه الكميات الضخمة من الغاز الطبيعي يوميا, فإنه يرافقها كميات ضخمة من مادتي الإيثان والكبريت وسوائل الغاز البترولية, والتي تعتبر كلها لقيما أساسيا للصناعات البتروكيماوية, ما شجع على التوسع الكبير في الصناعات البتروكيماوية, والتي تقدر كميات الإنتاج منها بعد الانتهاء من المشاريع الجديدة مع حلول عام 2014 بما يقارب 28 مليون طن متري سنويا, من مختلف المنتجات البتروكيماوية.

إنجازات كبيرة

إن هذه الإنجازات القطرية في إنتاج وتسييل الغاز الطبيعي, وما تمخض عنه من صناعات بتروكيماوية ضخمة يرجع الفضل فيها إلى التوجيهات السامية لحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى, حول الاستغلال الأمثل لثروات قطر الطبيعية. كما أن التوسع في مجال الصناعات البتروكيماوية أمر ضروري لاستيعاب المنتجات المرافقة للغاز الطبيعي في هذه الصناعات التي شهدت المزيد من التوسع في الإنتاج والتصدير إلى معظم دول العالم التي تستورد منتجات الصناعات البتروكيماوية القطرية بشكل متزايد. يذكر أن الصناعات البتروكيماوية بدأت في دولة قطر منذ أواخر الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي, بكميات قليلة, عندما شيدت شركة قطر للأسمدة الكيماوية (قافكو) في عام 1969 مصنعا لإنتاج مادتي الأمونيا واليوريا لاستخدامهما في السماد الزراعي, معتمدة على الغاز المصاحب للنفط في حينه كلقيم أساسي لهذه الصناعة. 
وكانت شركة (قافكو) بدأت في عام 1973 الإنتاج بطاقة إنتاجية قدرها 900 طن متري يوميا من الأمونيا, و1000 طن متري يوميا من اليوريا، وتضاعف إنتاج هذه الشركة من هاتين المادتين عدة مرات بعد التوسع في مشاريعها التي تضم الآن (قافكو1 إلى قافكو4). وتعتبر شركة قطر للأسمدة الكيماوية (قافكو) أحدى الركائز الأساسية للصناعات القطرية الكيماوية, وكذلك من كبريات الشركات في العالم لإنتاج اليوريا والأمونيا, والتي تأسست في عام 1969 كمشروع مشترك بين قطر للبترول بنسبة %75 وشركة قطر القابضة بنسبة %10 وشركة (يارا) الهولندية بنسبة %15. وفي إطار التوسع لشركة (قافكو) يجري الآن تشييد (قافكو5) الذي سيبدأ الإنتاج خلال العام الحالي 2011 ليرفع كمية الإنتاج إلى 3.8 مليون طن متري سنويا من الأمونيا و(قافكو6) الذي سيبدأ الإنتاج في عام 2012 لترتفع كمية الإنتاج إلى 5.6 مليون طن متري سنويا من مادة اليوريا, لتصبح شركة (قافكو) أكبر منتج في العالم لمادتي الأمونيا واليوريا. 
وكانت شركة قطر للأسمدة الكيماوية (قافكو) قد وقعت نهاية العام الماضي
على عقد إنشاء مشروع التوسعة (قافكو6) مع شركتي سايبم الإيطالية, وهيونداي للهندسة والإنشاءات الكورية الجنوبية, بقيمة إجمالية للمشروع تقدر بحوالي
610 ملايين دولار, على أن يتم إنجازه في
عام 2012. 
وتأسست في عام 1974 شركة قطر للبتروكيماويات لإنتاج الإثيلين والبولي إثيلين عالي الجودة والبولي إثيلين منخفض الكثافة, حيث تستخدم هذه المنتجات في الصناعات البلاستيكية وعشرات الصناعات التحويلية, حيث اعتمد إنتاج هذه المواد على الغاز المصاحب للنفط كلقيم في حينه. وكانت فكرة إقامة كل من شركتي قافكو وقابكو في ذلك الوقت المبكر عظيمة الجدوى اقتصاديا, عندما تم الاستغلال الأمثل للغاز المصاحب للنفط في صناعة مربحة, إضافة إلى التخلص من إحراق الغاز المصاحب للنفط, والذي كان ينعكس إحراقه سلبا على البيئة, لما يسببه من تلوث لمناطق إنتاج النفط. 
وجاء تأسيس (قابكو) على أساس شركة مساهمة بين قطر للبترول بنسبة %80 وشركة (توتال) الفرنسية بنسبة %20 وهي الآن تعتبر إحدى الشركات الرائدة في الشرق الأوسط لإنتاج الإثيلين والبولي إثيلين عالي الكثافة ومنخفض الكثافة, وبجودة عالية. وتتكون الشركة الآن من مصنع الإثيلين وينتج حوالي 720 ألف طن متري سنويا, ومصنع البولي إثيلين منخفض الكثافة بطاقة سنوية تبلغ 400 ألف طن متري سنويا, بالإضافة إلى مصنع الكبريت وينتج 70 ألف طن متري سنويا. 
وكانت هذه التوسعات قد بدأت مع بداية الثمانينيات من القرن الماضي، وتجري شركة (قابكو) حاليا التوسعة لمصنع (الإثيلين2) لزيادة الطاقة الإنتاجية من حوالي 525 ألف طن متري سنويا إلى 800 ألف طن متري سنويا, لتصبح (قابكو) من كبريات شركات الصناعات البتروكيماوية في العالم. وبالإضافة إلى هذه التوسعات ستقوم (قابكو) بتلبية احتياجات شركة قطر للفينل من الإثيلين وتزويد مصنع البولي إثيلين المنخفض الكثافة3, الذي يتم تنفيذه الآن بالقرب من المنشآت الحالية في منطقة مسيعيد الصناعية. 
يذكر أنه يتم تصدير معظم المنتجات البتروكيماوية إلى الأسواق العالمية, مثل الهند ودول شرق آسيا, خاصة الصين, حيث تستخدم هذه المنتجات البتروكيماوية في الصناعات التحويلية البلاستيكية ذات الاحتياجات العالمية الواسعة في الصناعات الحديثة. وانطلاقا من هذه الزيادة في منتجات شركة (قابكو9)البتروكيماوية قامت الشركة بابتكار طريقة تسويقية تعتبر استراتيجية وطويلة المدى, لمواكبة تنامي الطلب العالمي على منتجاتها في الأسواق العالمية, من خلال امتلاك شبكة تسويقية عالمية تضم 26 مكتبا تمثيليا و5 مكاتب إقليمية, هذه المكاتب تتواجد منها 4 في الصين و4 في الهند, والعديد من هذه المكاتب في بعض البلاد العربية والأجنبية. 
ويقول أحد مسؤولي شركة (قابكو): بعد أن تمكنت الشركة من إقامة هذه الشبكة من المكاتب والوكلاء في العديد من الدول العربية والأجنبية, أصبحت منتجاتها المختلفة تصدر إلى حوالي 85 دولة من خلال وكلاء وعملاء الشركة البالغ عددهم حوالي 4500 في مختلف مناطق دول العالم. 
وأضاف هذا المسؤول أن شركة (قابكو) تمكنت من ضمان توفير عوائد مجزية ومتصاعدة للمساهمين, إضافة إلى توفير المزيد من فرص العمل والمساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية لدولة قطر، معربا عن ثقته في مواصلة الشركة المضي قدما نحو تحقيق المزيد من التوسعات عبر تنفيذ مشاريع جديدة وفق المعايير العالمية للسلامة البيئية. 
وأشار إلى أن شركة (قابكو) تقوم حاليا بتنفيذ مشروع (قاتوفين), والذي سيجعل دولة قطر قوة اقتصادية عالمية في مجال إنتاج البولي إثيلين، موضحا أن مشروع قاتوفين شركة مساهمة مشتركة بين شركة (قابكو) بنسبة %63 وشركة توتال الفرنسية بنسبة %36 وقطر للبترول بنسبة %1. ويشمل مشروع قاتوفين الذي بدأ الإنتاج العام الماضي، مصنعا لإنتاج مادة البولي إثيلين المنخفض الكثافة الخطي بطاقة إنتاجية تصل إلى 450 ألف طن متري سنويا قابلة للزيادة لتصل إلى حوالي 600 ألف طن متري سنويا, وتصدر إلى أسواق آسيا وأوروبا. 
وضمن توسعات شركة (قابكو) افتتح في نهاية شهر مارس من العام الحالي مشروع عملاق جديد هو مشروع تصنيع الإيثان المصاحب للغاز الطبيعي, والذي يفصل عن الغاز الطبيعي المنتج في راس لفان ويصنع إلى الإثيلين, ثم يتم توصيله إلى منطقة مسيعيد الصناعية بواسطة أنبوب طوله حوالي 120 كيلومترا لاستخدامه هناك كلقيم استراتيجي لصناعة البتروكيماويات في مشروعي قاتوفين وكيوكم2. ويعتبر هذا المشروع الأكبر من نوعه في العالم, وتمتلك قاتوفين من المشروع نسبة %45 وكيوكم2 نسبة %53 وقطر للبترول نسبة %1.

الصناعات التحويلية

من جانبه قال السيد عبدالرحمن الأنصاري لـ «العرب»: إن رعاية الشركة لمعرض «صنع في قطر» جاءت من منطلق حرص الشركة على التفاعل مع الأحداث والمعارض التي تروج للقطاع الصناعي، موضحا أن القطاع الصناعي في قطر بدأ يتطور لكنه لا يزال بحاجة إلى المزيد من أجل النهوض به، وقال إن معرض «صنع في قطر» يعتبر إحدى الأدوات المهمة لتشجيع رجال الأعمال على الخوض في مشاريع صناعية, وبالتالي فإن الشركة القطرية للصناعات التحويلية تدعم هذا المعرض, وتتمنى أن يلقى النجاح الباهر.
وأشار الأنصاري إلى أن الدولة أولت اهتماماً خاصاً لموضوع إشراك القطاع الخاص في عملية التنمية الاقتصادية في دولة قطر, وذلك من خلال الاستثمار في قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وتجلى هذا التوجه بشكل واضح بتأسيس الشركة القطرية للصناعات التحويلية في عام 1990، التي تقاسمت الدولة والقطاع الخاص رأسمالها بنسبة %20 و%80.
وقال: إن الشركة تقوم بالاستثمار في المشاريع الصناعية المجزية اقتصادياً والقائمة على استغلال الموارد الطبيعية والمدخلات الوسيطة المتاحة محلياً وإقليمياً، لافتا إلى أن الشركة تنظر إلى نشاطها الاستثماري من
منظور التنمية الاقتصادية بمفهومها الواسع, ولذلك فهي تسعى لتعظيم الآثار الإيجابية المباشرة وغير المباشرة للاستثمار على الاقتصاد الوطني, والمتمثلة في تعميق الوشائج الهيكلية بين القطاع الصناعي والقطاعات الاقتصادية الأخرى, وزيادة فرص التوظيف للعمالة الوطنية, ونقل تقنيات الإنتاج الحديثة, وتحسين الميزان التجاري للدولة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق