الأحد، 2 يناير 2011

تحسن منتظر للقطاعات الإنتاجية والعقارية وسط تحديات جاثمة على صدر نظيرها التجاري

اقتصاديون لـ «العرب»: نبرة التفاؤل تخيم على توقعات العام الجديد
تحسن منتظر للقطاعات الإنتاجية والعقارية وسط تحديات جاثمة على صدر نظيرها التجاري

2011-01-03 
الدوحة - محمد أفزاز  
أبدى متخصصون تفاؤلا كبيرا بشأن تحسن أداء كافة القطاعات الإنتاجية بالبلاد عام 2011، وعلى رأسها قطاعا العقارات والتشييد والبناء، استنادا إلى ما قد تطرحه الموازنة الجديدة من أحجام استثمار كبيرة في مشاريع البنية التحتية، استعدادا لاحتضان كأس العام 2022، بيد أن بعضهم لم يستبعد أن يتباطأ نمو قطاع التجارة المعتمد على الاستيراد من الخارج، تأثرا باستمرار موجة الغلاء في الأسعار في بورصات السلع العالمية، متوقعين أن يسجل القطاع نموا بواقع %10 عام 2010.
وتكبدت قطاعات عديدة خسائر حتى منتصف عام 2010، بينما اعتبرت أخرى في عداد الناجين.
عزا قاسم محمد قاسم مدير عام شركة «المستثمرون المؤتلفون» الأداء الضعيف لقطاع العقارات خلال الفترة الأخيرة إلى عوامل داخلية تتعلق بتفوق المعروض على مستوى الطلب المتراجع، مستبعدا في الآن ذاته أن يكون للأزمة المالية العالمية أي تأثيرات على هذا الصعيد، وقال: «لا أعتقد أن هذا التراجع مرتبط بالأزمة المالية بقدر ما هو مرتبط بحالة الإشباع التي بلغتها سوق العقارات بقطر خلال الفترة السابقة وامتدت حتى الآن»، مضيفا أن «حالة التعبئة الكاملة هي المسؤولة الرئيسية عن زيادة العرض بالسوق المحلية».

ضعف في الأداء
ولفت قاسم محمد قاسم إلى أن الأداء الضعيف لقطاع «خدمات المال والتأمين والعقارات» برمته يجد تفسيره في تراجع أداء القطاع العقاري، أما القطاع المالي وقطاع التأمين فإن المؤشرات تشي -برأيه- بكونهما لا يزالان يتمتعان بأداء جيد في ظل وفرة السيولة لدى البنوك، بالترافق مع تنامي حجم الاستثمارات الخارجية للبلد. ويصل حجم استثمارات جهاز قطر للاستثمار الخارج حسب الإحصاءات الرسمية 30 مليار دولار، بينما تتحدث أرقام غير رسمية عن حجم يقارب الـ100 مليار دولار.
ونبه قاسم محمد قاسم إلى أن الأزمة المالية العالمية لا تزال مستمرة، وأن العالم لم يفلح حتى الآن في الوصول إلى حلول توقف النزيف، ومثل قاسم لذلك بالتوقعات الأميركية المتشائمة حيال الأداء لأقوى اقتصاد في العالم، لكنه استدرك بالقول: «كل ذلك لا يعني أن الأزمة ستزيد عمقا».
ويعتقد الكثير من المتتبعين أن الركود الاقتصادي العالمي انتهى قبل 18 شهرا خلت عندما أفلحت الاقتصادات العالمية في التحرك فوق حاجز الصفر بالمائة، كما هي الحال بالنسبة للاقتصاد الأميركي، الذي نما خلال الربع الثالث من العام 2010 بواقع %2.6، في مقابل 1.7 برسم الربع الثاني، مع توقعات بمعدل نمو في حدود %3 الربع الأخير من العام 2010، و%4 العام 2011.
وتراجع أداء قطاع المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال خلال النصف الأول من العام 2010 بنحو(-%2.6) بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2009، مسجلا ما قيمته 21.9 مليار ريال، نظير 22.46 مليار ريال سنة قبل ذلك.
إشراقة 2011
من جانب ثانٍ عزا قاسم محمد قاسم التراجع الكبير في أداء قطاع التشييد والبناء إلى استكمال العديد من مشاريع البنية التحتية، مما أبطل مفعول هذه المشاريع في دعم النمو العام للقطاع.
ورأى قاسم محمد قاسم أن أداء القطاع العقاري إلى جانب التشييد والبناء خلال النصف الثاني من العام 2010 سيمثل استمرارا للأداء المسجل خلال النصف الأول، في ظل غياب أية معلومات تفيد بتوقيع عقود إنشاءات كبيرة. 
وعبر قاسم عن أمله في أن يشكل العام 2011 محطة يستطيع خلالها قطاع العقارات والتشييد والبناء أن ينهض من كبوته، وقال في السياق: «الربع الأول سيبين ما إذا كانت ستظهر ثمة نتائج إيجابية أم لا»، مضيفا: «دعنا نرى ما ستكون عليه موازنة 2011-2012»، في إشارة إلى ما قد تحمله الموازنة الجديدة في أبريل المقبل من أرقام إيجابية عن حجم الاستثمارات الحكومية في مجالات التشييد والبناء والبنية التحتية، كأول خطوة باتجاه إقامة مشاريع تستشرف مونديال 2022.
وعرف قطاع التشييد والبناء أداء سلبيا بنهاية النصف الأول من العام 2010 عندما حقق ناتجا إجماليا بقيمة 11.7 مليار ريال، نظير 14 مليار ريال النصف المناظر من العام 2009، بتراجع فاق الـ%16.5.
من جهته أوضح إبراهيم صباغ المدير التنفيذي للمشاريع بشركة كربون للتجارة والمقاولات أن القطاع العقاري تأثر بشكل ملحوظ خلال النصف الأول من العام 2010 وما قبله أيضا بسبب ما وصفه بحالة الركود التي باتت تحاصر القطاع في ظل وجود معروض كافٍ، وكذا تشديد البنوك من شروط الإقراض لديها.
لكن إبراهيم صباغ أشار إلى أن النصف الثاني من العام 2010 عرف خلاله القطاع بعض التحسن، وعزا ذلك بشكل رئيس إلى تخفيف البنوك من شروط الإقراض لديها، مما أتاح فرصا إضافية لأصحاب العقارات والمطورين والمستثمرين للعودة إلى الاقتراض من جديد ومباشرة تنفيذ الإنشاءات لديهم.
وتوقع صباغ أن يشهد القطاع العقاري بعض التحسن خلال العام 2011، وقال: «2011 سيكون أفضل من سابقه.. نتأمل خيرا»، مضيفا: «المونديال سيكون له أثر كبير جدا على صعيد دعم القطاع».

تحديات
وفي تحليل لأداء قطاع التجارة وآفاق أدائه أعلن عبدالله إسماعيل مدير مبيعات شركة «نسله أن قطاع التجارة بشكل عام يتوقع له أن يحقق نموا بمعدل %10 نهاية العام 2010، بينما ستواجه -برأيه- التجارة المعتمدة على استيراد السلع الأساسية الرئيسية في مدخلات الإنتاج من الأسواق الخارجية بعض الضغوط والتحديات خلال العام 2011 على خلفية الارتفاع المتواصل لأسعار العالمية. وقال عبدالله إسماعيل من جهة أخرى: «نتوقع أن يكون نمو القطاع في حدود %10، وهذا ما حدث بالنسبة إلينا ولشركات أخرى»، متابعا بالقول: «النصف الأول من العام 2010 حققت خلاله الشركة زيادة في حدود %12 إلى %13».
وزاد بالقول: «النمو كان أفضل في النصف الأول، لأن النصف الثاني صادف وجود رمضان والإجازات». وسجل قطاع التجارة والمطاعم والفنادق زيادة في أدائه خلال النصف الأول من العام 2010 قدرت بـ%5.4 بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2009. هكذا بلغ ناتج القطاع نحو 12.4 مليار ريال نهاية يونيو الماضي، نظير 11.76 مليار ريال سنة قبل ذلك، 
إلى ذلك توقع عبدالله إسماعيل أن تتباطأ وتيرة نمو القطاع خلال العام 2011 في حال استمرت الأسعار العالمية في الارتفاع لما لها من أثر سلبي على تكلفة الإنتاج، ومن ثم تقليل هوامش الربح. واستدل عبدالله إسماعيل في هذا السياق بالارتفاع الحالي الذي تشهده أسعار القهوة والحليب في البورصات العالمية، حيث يتراوح ارتفاع الأسعار بين %10 إلى %12، علاوة على استمرار أزمة القمح في ظل انحسار صادرات روسيا من هذه السلعة الاستراتيجية، بفعل موجة الجفاف التي ضربتها خلال الفترة الماضية. 
وقالت منظمة الفاو إن أسعار المواد الغذائية في الأسواق العالمية شهدت ارتفاعات شديدة خلال العام 2010، مقارنة بالعام 2009. 
وتشير معطيات الفاو إلى أن مؤشر أسعار الأغذية زاد بواقع %3.53 شهر نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر الذي قبله، كما ارتفع بـ%21.3، بالمقارنة مع الشهر المماثل من العام 2009. وتؤكد المعطيات ذاتها أن نسبة الارتفاع في أسعار السلع الغذائية بلغ %16 العام 2010، بالمقارنة مع العام الذي قبله، مدفوعا بغلاء كبير لأسعار كل من الألبان والزيوت والحبوب واللحوم وعلى التوالي بـ%41، و%24، و%14، و%13.
محليا واصلت أسعار سلة الغذاء ارتفاعها، حيث بلغ نحو %5.5 نهاية أكتوبر الماضي بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام 2009. 
وتفيد معطيات جهاز الإحصاء أن صافي القيمة المضافة لقطاع تجارة التجزئة والجملة زاد بنحو 3.5 مرة خلال ست سنوات، منتقلا من 3.24 مليار ريال سنة 2002 إلى 14.7 مليار ريال سنة 2008. فيما تشير بيانات الجهاز إلى أن قطاع «التجارة والمطاعم والفنادق» أسهم بـ20.6 مليار ريال في الاقتصاد الوطني خلال العام الماضي (2009)، نظير 6.14 مليار ريال فقط سنة 2004.
يشار إلى أن الاقتصاد القطري حقق ناتجا في حدود 200.1 مليار ريال منتصف العام 2010، بحسب أحدث الأرقام الرسمية، مقابل 165.3 مليار سنة قبل ذلك، بينما تشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد سينمو بمعدل حقيقي يناهز الـ%20 مستقبلا، مدعوما بتوسعات في إنتاج الغاز، والذي بلغت بشأنه قطر مستوى إنتاج 77 مليون طن، كما كان مخططا له من قبل وفق رؤية قطر 2030.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق