الاثنين، 10 يناير 2011

قطر تقود النهضة الاقتصادية في الخليج

التعاون الاقتصادي بين قطر وألمانيا يتعزّز بتطوّر العلاقات.. مجلة ألمانية:
قطر تقود النهضة الاقتصادية في الخليج
مونديال 2022 سيعزّز النمو في جميع الأنشطة الاقتصادية
استثمار مليارات الدولارات في بناء وتحديث صناعة الغاز القطرية
أكثر من 50 مليار دولار لمشاريع البنية التحتية
 
 
 
 
برلين- سمير عواد:
أشارت مجلة الاقتصاد وإدارة الأعمال الشهرية الألمانية Manager- Magazin أي مدير الأعمال في عددها الصادر في ديسمبر المنصرم أن بعض الأطفال القطريين انتسبوا إلى الحضانة التابعة للمدرسة الألمانية في مدينة الدوحة، وأنهم أصبحوا يعرفون عادات وتقاليد سائدة عند الألمان وحين ينتقلون إلى صفوف أعلى في المدرسة الألمانية سوف يقرؤون التاريخ الألماني وعندما يتخرجون فإنهم لا يكونون قد تعلموا اللغة الألمانية فحسب، وإنما يكونون قد تعلموا الكثير عن ألمانيا التي كانت في منتصف الثمانينيات مقصداً للمرضى القطريين ومنذ ثلاث سنوات مقصداً للسياح القطريين فيما أصبحت قطر معروفة جدًّا للألمان من خلال فرض استثماراتها في شركات ألمانية عملاقة مثل(فولكس فاغن) و(بورش) لتصنيع السيارات وشركة (هوختيف) للبناء. كذلك فإن الإنجاز التاريخي الذي حققته قطر بفوزها باستضافة بطولة العالم لكرة القدم عام 2022 لم يبهر العالم العربي فقط وإنما وبصورة خاصة فتح عيون الاقتصاديين الألمان على قطر خاصة أنهم يتوقعون أن تشارك الشركات الألمانية بالمشاريع العملاقة التي سوف تقوم بها قطر لتسحر ألباب العالم بتنظيم أكبر حدث رياضي عالمي في عام 2022 وتتطلع منذ اليوم لأن تكون أجمل وأروع مونديال في التاريخ.

يلاحظ المراقبون التطوّر البارز للعلاقات الثنائية بين دولة قطر وألمانيا خلال العام المنصرم الذي أكدته الزيارات المتبادلة على أعلى المستويات. واليوم يمكن القول إن قطر تعير أهمية كبيرة لتعاونها مع ألمانيا في الوقت نفسه تعتبر ألمانيا قطر أهم شريك لها في منطقة الخليج والعالم العربي.

وذكرت مجلة (السوق) التي تصدرها غرفة الصناعة والتجارة العربية - الألمانية في برلين أن حفاوة الاستقبال والترحيب التي حظي بها حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى وحرمه سمو الشيخة موزا بنت ناصر"حفظهما الله" خلال (زيارة الدولة) التي قاما بها لألمانيا في نهاية سبتمبر الماضي عكست المستوى الرفيع الذي بلغته العلاقات بين البلدين في الآونة الأخيرة.
وعبّر الأمير عن هذه العلاقات عندما قال: نحن نعتبر ألمانيا شريكاً تجارياً رئيسياً لدولة قطر وتربطنا بها علاقات صداقة وتعاون متينة في مختلف المجالات لاسيما في المجال الاقتصادي. كذلك فإن تطوير التعليم الذي تركز عليه قطر يحتل حيزاً مهماً في هذه العلاقات وهو ما ركز عليه سموه عندما أشار في مؤتمر صحفي مشترك عقده في ختام الزيارة مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى الاهتمام الكبير الذي يوليه شخصياً لهذا المجال.

كذلك فإن الرئيس الألماني كريسيتان فولف الذي تعرّف على الأمير المفدى عندما زار قطر في العام الماضي وكان قبل توليه منصبه الحالي يترأس الحكومة المحلية لولاية سكسونيا السفلى شريك قطر في شركة (فولكسفاغن)، من ضمن كبار المسؤولين الألمان الذين يعوّلون اليوم أهمية كبيرة على تعميق وتطوير علاقات ألمانيا مع دولة قطر. وكان فولف قد أشاد بمستوى علاقات بلاده مع قطر وقال بعد أن لفت إلى أن دولة قطر تشكل أحد محرّكات عملية الاندماج في سباق التعاون الإقليمي داخل مجلس التعاون لدول الخليجي: إن ألمانيا تتابع باهتمام بوادر التطوّر نحو سوق مشتركة وتعاون نقدي ونحو إنشاء شبكة للسكك الحديد تتخطى حدود الدول وتربط دول مجلس التعاون ببعضها.

ونوّه الرئيس الألماني في هذا الإطار بالتنمية الاقتصادية التي تشهدها دولة قطر وانعكاسها على العلاقات الثنائية مع بلاده مشيراً إلى وجود شراكة وثيقة مبنية على روح الثقة بين قطر وألمانيا في قطاعات السياسة والاقتصاد والثقافة وهي حسب إشارته شراكة متكافئة قائمة على المصالح المشتركة ونابعة من التقدير المتبادل.

ونقلت مجلة (السوق) التي تصدر باللغتين العربية والألمانية التي نشرت صورة الأمير المفدى والشيخة موزا بنت ناصر مع ميركل وفولف على الغلاف عن الرئيس الألماني قوله: إن العلاقات الاقتصادية بين البلدين يميّزها روح التعاون المشترك موضحاً أن قطر ومن خلال استثماراتها طويلة الأجل في الصناعات الألمانية الرئيسية أعطت مؤشراً جلياً لثقتها بالاقتصاد الألماني. وقال نيلز فيكتور زورغي المحرّر الاقتصادي في مجلة (ماناجر ماغازين): إن بدء الشركات الألمانية العملاقة استعداداتها للمساهمة في مشاريع استعداد قطر لاستضافة مونديال 2022 ونشاطات الاستثمار التي تقوم بها قطر في الساحة الألمانية والزيارات المتبادلة على أعلى المستويات تؤكد أن كل بلد مهتم كثيراً بالتعاون مع الآخر.

كذلك دفعت الأزمة المالية العالمية الشركات الألمانية لاكتشاف فرص لها خارج ألمانيا ووجدت في قطر دولة جذابة واليوم تصدّر ألمانيا إلى قطر بضائع أكثر من أي بلد آخر في المنطقة كما تتطلع ألمانيا إلى زيادة شركة قطر القابضة استثماراتها في ألمانيا. وكشف سعادة يوسف حسين كمال مؤخرا في مقابلة مع صحيفة (فايننشال تايمز دويتشلاند) أن بلاده تعتزم الاستثمار في شركات متوسطة وبذلك تغيّر استراتيجيتها التي كانت تركز فقط على الشركات العملاقة.

وصرّحت هيليني رانغ مدير الأعمال التنفيذي في اتحاد الشرقين الأدنى والأوسط الذي يترأسه المستشار السابق غيرهارد شرودر أن فوز قطر باستضافة مونديال 2022 فتح أمام الشركات الألمانية تصوّرات جذّابة وأضافت: إن فرص هذه الشركات في الحصول على مشاريع تبدو كبيرة جدًّا حيث جميع الأطراف التي سوف تشارك في بناء وتحديث البنية التحتية في قطر سوف تستفيد من قرار الفيفا اختيار قطر لتنظيم مونديال 2022.

وأردفت رانغ: إن مساهمة قطر في شركة البناء الألمانية العملاقة (هوختيف) أبرز مدى اهتمامها بالاستثمار في ألمانيا مؤكدة أن هذه المساهمة جاءت في الوقت المناسب. إذ أن زيادة الاستثمارات القطرية في ألمانيا وبدء الاستعداد لتنظيم مونديال 2022 من شأنهما كما يرى المراقبون هنا أن يعجلا بمشروع بناء جسر مع البحرين وكذلك شبكة سكة الحديد لتكون جاهزة عام 2022 لنقل 2،8 مليون من المشجعين من أنحاء العالم إلى الملاعب.

وكشف ألبيرت شبير المهندس الشهير في فرانكفورت أن سعادة الشيخ محمد بن حمد آل ثاني رئيس ملف قطر للمونديال اتصل به شخصياً بعد الفوز التاريخي الذي تحقق لقطر في مجال كرة القدم وشكره على الجهود التي قام بها حيث صمّم شبير عدة ملاعب زادت ملف قطر أهمية. ومن المقرّر أن تكون كلفة ثمانية ملاعب للمونديال سوف تصل إلى ثلاثة مليارات دولار.

وقال بيتر جوبفريش المدير التنفيذي لغرفة التجارة الخارجية الألمانية في دولة الإمارات العربية المتحدة: إن ألمانيا تحظى بسمعة جيّدة في قطر. ولفتت رانغ النظر إلى أن النهج الليبرالي الذي تعمل به دولة قطر يسهّل التعاون الاقتصادي مع ألمانيا. فالمرأة في قطر تتساوى في الحقوق مع الرجل وتقوم بدورها في المجتمع وفي الحياة العامة وفي الاقتصاد كما تشجع سمو الشيخة موزا بنت ناصر التعاون مع ألمانيا وأوضحت رانغ: هذه مزايا ينبغي أن يستغلها السياسيون في الغرب ورجالات الاقتصاد أيضاً.

غير أن الشركات الألمانية تخشى منافسة الشركات الآسيوية وقالت رانغ: لا ينبغي على الشركات الألمانية التصوّر أنه بوسعها الفوز بمشاريع في قطر بهذه السهولة إذ أن النخبة الشابة في قطر تدرس العروض جيّداً قبل البت بها.
من جهة أخرى ذكر تقرير نشرته صحيفة(هاندلزبلات) المتخصّصة بالاقتصاد والتي تصدر بمدينة دوسلدورف أن قطر تمكنت منذ وقت بعيد من تجاوز الصين العملاقة من ناحية النمو الاقتصادي وتقود حالياً نهضة اقتصادية لافتة للنظر في منطقة الخليج. في الربع الثالث من عام 2010 زادت نسبة نمو الناتج الإجمالي المحلي 21 بالمئة وهو ما قد يكون رقماً قياسياً. وحتى تاريخ 31 مارس لعام الميزانية الجاري من المنتظر أن يبلغ فائض الميزانية نسبة 10,5 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يزيد حجم الناتج القومي الإجمالي في دولة قطر بنسبة 20 بالمئة.

نتيجة لذلك فإن دولة قطر تعتبر رابحاً ليس فقط ضمن شقيقاتها من دول الخليج العربية. إذ أن قطر لكونها أكبر مصدّر للغاز المسال في العالم ليست الدولة الوحيدة التي حققت نمواً كبيراً في اقتصادها. هناك السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم وحسب بيانات صندوق النقد الدولي من المفترض أن يسجّل العام المنصرم فائضاً في الناتج القومي الإجمالي نسبته 3,4 بالمئة وسوف تصل هذه النسبة إلى 4,5 بالمئة في العام الجديد 2011. وتتوقع السعودية أن يزيد فائض ميزانيتها بنحو 20,5 مليار دولار أي نسبة 4,1 بالمئة من الناتج القومي الإجمالي.

برأي المحللين الاقتصاديين أن هناك أسباباً أخرى لم يتنبه لها الغرب خاصة وذلك إلى جانب ارتفاع سعر النفط. وقال جورج نصرة من بنك قطر الدولي أن فوز قطر باستضافة بطولة العالم لكرة القدم عام 2022 لا يحرّك نمو الاقتصاد في قطر فحسب وأضاف مشيداً: هذا الفوز هو منبع موجات النمو ونوّه بعزم قطر استثمار 57 مليار دولار في تعزيز البنية التحتية استعداداً لبطولة العالم لكرة القدم عام 2022. بالإضافة لذلك، سيجري استثمار مليارات الدولارات في بناء وتحديث صناعة الغاز القطرية وفي توسيع شركة إنتاج الألمنيوم العملاقة Qatalum.
ولفت إبراهيم دبدوب المدير التنفيذي لبنك الكويت الوطني أنه إضافة لذلك فإن إجراءات التحفيز التي وضعتها حكومات المنطقة تسهم في دفع النمو بشكل قوي مشيراً إلى أن قطر ليست الدولة الوحيدة التي سوف تنفق مليارات الدولارات على بنيتها التحتية إذ تخطط السعودية التي يعتبر اقتصادها الأكبر بين اقتصادات دول المنطقة لإنفاق 400 مليار دولار حتى حلول عام 2014 في تحديث بنتيها التحتية وخلق وظائف عمل. ففي السعودية الكثيفة السكان هناك نصف مليون عاطل عن العمل وذلك على الرغم من الأداء القوي لاقتصادها.

كذلك في سلطنة عمان سوف يحقق اقتصادها نمواً خلال العام الجديد 2011 حيث من المتوقع أن يجري تنفيذ خطة خمسية لإنفاق 78 مليار دولار على تحديث البنية التحتية.

إلى جانب فروع الصناعة التقليدية مثل المكائن والمنشآت وبناء المفاعل توفر خطط الإنفاق على البنية التحية في دول الخليج العربية فرصاً كبيرة للاقتصاد الألماني. إذ أن السعودية وحدها سوف تنفق حتى عام 2014 ما يزيد على 73 مليار دولار في تحديث قطاع الصحة. كذلك فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تستورد سنوياً تقنية طب بحجم 400 مليون دولار.

ويرى ماتياس غوين مدير شركة UKE للاستشارات وإدارة الأعمال التابعة للمستشفى الجامعي هامبورغ- إيبندورف أن آفاق النمو الاقتصادي في منطقة الخليج يوفر لقطاع الصحة الألماني فرصاً كثيرة. وأكد أن المنافسين الذين سوف يفوزون بالمشاريع هم الذين يعرضون الحلول المستدامة. وأوضح غوين الذي لشركته فروع في الكويت ودبي واليمن التي تقوم ببناء مستشفى للشرطة أن المستقبل بأيدي الشركات خاصة التي تعرض تقنية الطب والموظفين المتخصّصين والتعليم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق