الأحد، 9 يناير 2011

اقتصاديون متفائلون بعودة دوران عجلة الائتمان المحلي

مؤكدين لـ «العرب» تبدد المخاوف المصرفية مع استضافة مونديال 2022
اقتصاديون متفائلون بعودة دوران عجلة الائتمان المحلي

2011-01-10 
الدوحة - محمد أفزاز  
طالب رجال أعمال ومختصون بضرورة فتح البنوك المحلية أبوابها أمام المستثمرين من جديد، لتقطع الطريق على موجة الحذر والريبة التي أصابت القطاع المصرفي تجاه المجتمع الاستثماري خلال الأزمة المالية العالمية.
وشدد هؤلاء على أهمية دعم القطاع الخاص بالتمويلات اللازمة لتنفيذ مشاريع للفترة المقبلة، منبهين إلى التحول الحاصل في الحراك الاقتصادي مع انطلاقة عام جديد يمهد لفورة شاملة على مدار السنوات المقبلة على غير شاكلة ما حملته طيات العام الماضي، خاصة مع فوز قطر باحتضان كأس العالم 2022.
وفي السياق ذاته، أبدى بعض رجال الأعمال تفاؤلا كبيرا إزاء ارتفاع حجم التسهيلات الائتمانية العام الحالي، مبررين ذلك بالدور الرئيس الذي ستضطلع به مشاريع الحكومة في توفير سيولة كافية تدعم قدرة المصارف على رفع حد الائتمان.
يعتقد رجال أعمال ومستثمرون أن الفرصة قد حانت لتغيير البنوك سلوكها تجاه أصحاب الحاجة للقروض والتسهيلات والباحثين عن اقتناص الفرص الاستثمارية التي يتيحها فوز قطر بشرف استضافة مونديال 2022.
فقد قال السيد محمد جوهر المحمد, عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة قطر: «إن الوضع الحالي يختلف عن الوضع السابق، وهو ما يفرض على المؤسسات الائتمانية أن تفتح أبوابها أمام القطاع الخاص»، مضيفا أن السلطات العليا يتعين عليها أن تعطي الضوء الأخضر لهذه المؤسسات لإطلاق يدها, ومن ثم التخفيف من شروطها الائتمانية.
وأشار جوهر إلى أن إجمالي المشاريع التي هي قيد التنفيذ تحتاج إلى الإسراع في إنجازها, خاصة مع التزام الحكومة الحالي بالاستجابة الكلية لجميع اشتراطات تنظيم مونديال 2022.
وتباشر قطر في الوقت الحالي تنفيذ مشاريع كبرى في مجال تعزيز البنية التحتية تتجاوز 65 مليار دولار، من ذلك شبكة المترو والقطارات، والمطار الجديد، وجسر المحبة الذي يربط بين قطر والبحرين، والميناء، وشبكة الطرق الداخلية، علاوة على المشاريع الرياضية.
وقال رجل الأعمال المعروف في هذا الإطار: «هذا التنفيذ يحتاج إلى تسريع وتيرة الائتمان والدفع بها نحو الأمام».

ظروف جديدة
وعما إذا كانت البنوك سنفتح على القطاع الخاص خلال الفترة المقبلة أم أنها لا تزال رهينة سياسة الحذر والتخوف قال محمد جوهر: «لا نستطيع أن نقول إن المؤسسات والمصارف سيحدث عندها انفتاح كامل على القطاعات والمستثمرين لأجل تلبية احتياجاتهم من التمويل، لكن أؤكد أنه مع الظروف الحالية يجب على البنوك أن تفتح باب الائتمان من جديد، لأن الحركة الصناعية والاقتصادية في 2011 و2012 وما بعدها تختلف عن الحركة في سنة 2009 و2010»، في إشارة إلى تأثرها بظروف الأزمة المالية العالمية.
وفي رده على ما يقال من أن القطاع الخاص لا يزال دون مستوى مواكبة العجلة الاقتصادية بالبلد, عبر محمد جوهر عن اعتقاده بكون القطاع بلغ مستوى من النضج يستطيع في ضوئه أن يواكب الحقبة القادمة ويفرض نفسه كفاعل رئيسي في المشهد الاقتصادي بالاعتماد على إمكاناته الحالية.
وزاد التأكيد بأنه في السابق كان هناك حديث عن عدم نضوج الشركات وعدم قدرتها على تنفيذ المشاريع الكبرى، لكن أصبح واضحا أن الشركات المحلية لم تعد تقتصر في نشاطها على الداخل فقط, بل باتت توسع نشاطاتها بالخارج, سواء في القطاع الصناعي أو القطاع التجاري، وأضحى المستمرون المحليون يشاركون رجال الأعمال في دول ثانية، بل ينافسون.

أعمال كبيرة
وقال محمد جوهر: «الحديث عن عدم مواكبة القطاع الخاص للنهضة الاقتصادية تجاوزه الزمن، نعتقد أن القطاع الخاص سيكون قادرا خلال المرحلة المقبلة على القيام بأعمال كبيرة»، منبها إلى أن ما ينقص القطاع هو التقنيات, التي قال عنها إنها يمكن جلبها من أي مكان في العالم، في ظل سهولة الاتصال بأية منطقة من مناطق العالم لتزود بهذه الاحتياجات التقنية لمواكبة التطورات الحاصلة الآن.
وبحسب معطيات مصرف قطر المركزي, فقد زاد حجم التسهيلات الائتمانية الموجهة للقطاع الخاص بنهاية الأحد عشر شهرا الأولى من العام الماضي بنحو %6 بالمقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2009, محققا ما قيمته 187.11 مليار ريال، في مقابل زيادة بـ%60 للتسهيلات الائتمانية الموجهة للحكومة والقطاع العام، وبقيمة 109.65 مليار ريال. وتظهر هذه النتائج ذلك التوجه المكثف للبنوك لإقراض القطاع العام, للاعتقاد بوجود ضمانات كافية عند هذا القطاع في مقابل ضمانات أقل عند القطاع الخاص.
وكانت نسبة نمو الائتمان الموجه للقطاع الخاص قد بلغت %11.03 في نوفمبر من عام 2009 لقاء الشهر ذاته من عام 2008، بينما نمت التسهيلات الموجهة للقطاع العام بنسبة %19.44 خلال الفترة نفسها، وهي نسب تبقى بعيدة عن تلك المسجلة في 2008، حيث بلغت %68.14 للقطاع العام و%47.6 للقطاع الخاص.

تخوفات وآمال
من جهته رأى سعد بن آل تواه الهاجري, الرئيس التنفيذي لمجموعة الاختيار للاستثمار أن هناك تخوفات لا تزال مهيمنة على البنوك، معبرا عن أمله في أن تتغير الأوضاع باعتبار أن حكومة قطر تدعم الاقتصاد بقوة، وهو ما لا يترك المجال أمام أي تبريرات للبنوك للتقاعس عن أداء دورها في دعم القطاع الخاص.
وقال الهاجري في هذا السياق: «الدولة تضخ ما يكفي لدعم الاقتصاد, لكن هناك تقاعس من جهة البنوك». وزاد بالقول: «البنوك مقصرة، وأتمنى أن تملك الشجاعة لتقوم بوظيفتها كبنوك لدعم القطاع الخاص».
وكانت الحكومة ضخت ما بين 50 و60 مليار ريال في شريان البنوك المحلية غداة اندلاع الأزمة, للرفع من مستوى ملاءتها المالية ودعم حضورها كفاعل رئيس في تنشيط الاقتصاد المحلي.
وحول ما إذا كانت هناك حاجة لاستصدار قرارات وتشريعات ملزمة للبنوك لدعم القطاع الخاص وفتح باب التمويلات من جديد قال الهاجري: «الحكومة منحت كامل الحرية للبنوك للعمل, لكن ما يصل لها من تقارير أنها بالفعل تقوم بمسؤوليتها وهناك تكمن المشكلة».
من جهة أخرى وبشأن ما إذا كانت هناك توقعات بعودة عجلة الائتمان للدوران بالمستويات ذاتها لما قبل الأزمة أكد مدير الأبحاث بـ «سانشري 21 قطر» السيد ضياء نوفل, أن الأمر بحاجة إلى مزيد من الوقت, ومزيد من توفر الشروط الكفيلة بإطلاقه من جديد.

الحراك المحلي
وقال في هذا الإطار: «إن عودة النشاط المحلي ممكنة في ظل توفر السيولة النقدية محلياً، ولكن أن تعود عجلة القطاع المصرفي للدوران بنفس الوتيرة التي عهدها قبل أزمة 2008، فهذا أمر يحتاج بعض الوقت ويحتاج توفر شروط تضمن إعادة النظام المصرفي العالمي إلى أوجه السابق»، مضيفا أن «القطاع المصرفي هو أول القطاعات الاقتصادية تضرراً, وعبره انتقلت الأزمة من الأسواق العالمية إلى الأسواق المحلية، وأي تعافٍ محتمل هو بالضرورة مرتبط بتعافي الاقتصادات العالمية، وهذا أمر بطيء نسبياً من خلال ما يحدث في العالم من أزمات تطفو على السطح في شتى بقاع الأرض من حين لآخر».
ورأى ضياء نوفل أن هناك مبررات بالنسبة للبنوك لتتخوف من الحالة الاقتصادية العالمية، لكن ليس إلى درجة عدم منح القروض محلياً، فالسيولة المحلية موجودة، لكن -يقول ضياء- رفع سقف التسهيلات أو الوصول إلى مستويات ما قبل الأزمة يحتاج بعضاً من الوقت حتى يأمن القطاع البنكي حالة الاقتصاد العالمي.
واستطرد بالقول: «من الخطأ بمكان -برأيي- لوم القطاع البنكي في تخوفه ومطالبته بأكثر مما يستطيع... الحكومة تعي تماماً حجم المسألة وتعالجها بروية وحكمة».
وكانت التسهيلات الائتمانية بلغت ذروتها عام 2008 عندما ناهز معدل نموها نحو %52.7، مقابل %10.42 سنة 2009, وهو الأدنى، و%21 السنة الماضية.

العقارات المستفيد الأكبر
وعن رأيه فيما إذا كان القطاع العقاري سيستفيد من أي انفتاح جديد للبنوك من حيث التسهيلات الائتمانية في ظل تعهدات الحكومة بضخ السيولة في السوق عبر الموازنة العامة, أكد ضياء نوفل ذلك بالقول: «بالفعل سيكون القطاع العقاري أحد أكبر المستفيدين من أية تسهيلات ائتمانية بنكية, بسبب الارتباط العضوي بين التداول العقاري والعمليات البنكية من خلال الرهن العقاري وتقديم القروض».
وأوضح ضياء نوفل أن أية مساعدة من جهة الحكومة للبنوك في مواجهة تبعات الأزمة العالمية ستعود بالنفع بلا شك على الدورة الاقتصادية في الدولة, ومنها التعاملات العقارية، مذكِّرا بما قامت به الحكومة عندما اشترت المحافظ الاستثمارية المتعثرة، والتي كانت تتضمن بشكل أساسي أصولاً عقارية.
وبين ضياء نوفل أن ضخ الحكومة لمبالغ طائلة في مشاريع البنية التحتية سيسهم في تنشيط الحركة الاقتصادية, كما سيعطي الثقة اللازمة للمستثمرين والبنوك على حد سواء, للمباشرة في أعمال كانت فيما مضى تنطوي على نسب عالية من المخاطر، وقال في هذا الشأن: «بفضل هذه المشاريع الحكومية الضخمة فإن الإنفاق السخي عليها سيؤدي إلى وفرة في السيولة في السوق, تدعم قدرة القطاع المصرفي على رفع حد الائتمان, وتقديم التسهيلات المصرفية من جديد».
وعاد ضياء نوفل ليؤكد أنه في حالة الاقتصاد القطري، فإن الدعم الحكومي كان بالأساس لمواجهة التأثيرات العالمية ولمساندة القطاع البنكي للاستمرار في تقديم خدماته محلياً.

الجدية
وقال ضياء في ضوء ذلك: «إن البنوك مطالبة الآن بالبدء بجدية في رفع حجم خدماتها، وإن كانت بالفعل قد بدأت, والمراقب للقطاع البنكي بين 2009 و2010، يرى حجم النمو في الودائع والائتمان والموجودات الأجنبية وما إلى ذلك، وكذلك الأمر بالنسبة للقروض الممنوحة».
يشار إلى أن القطاع الاستهلاكي لا يزال يتربع على عرش لائحة المستفيدين من القروض البنكية الموجهة للقطاع الخاص، بقيمة 53.9 مليار ريال كقروض استهلاكية، يليه قطاع العقارات بـ48.4 مليار ريال، ثم القطاع الخدمي بـ29.23 مليار ريال، وقطاع التجارة العامة بـ24.62 مليار ريال، وأخيرا قطاع الصناعة بـ7.5 مليار ريال فقط، وذلك بنهاية شهر نوفمبر من العام الماضي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق