الاثنين، 10 يناير 2011

2011.. نقطة تحول إلى الازدهار الثاني في تاريخ القطاع العقاري القطري

"سنشري 21 " تحلل أداء السوق العقاري
2011.. نقطة تحول إلى الازدهار الثاني في تاريخ القطاع العقاري القطري
مطلوب تطور نوعي في بيئة الأعمال وتحسين شروط الاستثمار
عدم توازن الطلب مع المعروض أعاد تلقائياً تصحيح الارتفاع المبكر وغير المبرر للإيجارات
مخاطر المضاربات في سوق العقارات.. أهم دروس الأزمة المالية العالمية
توقع انخفاضات جديدة في الايجارات نتيجة استمرار تدفق المعروض إلى السوق
في 2012 يعود المعروض إلى ارتفاعات جديدة مع انتهاء المشاريع قيد الإنجاز
نجاح قطر في استضافة المونديال يعد الدفعة المطلوبة لإعادة الثقة للاستثمارات المحلية والخارجية
الأزمة المالية ساهمت في تصفية الدخلاء على مهنة الأبحاث العقارية
الراية
في وقت تتسارع فيه المتغيرات الاقتصادية يوماً بعد يوم، تختلف التوقعات والتحليلات من دولة إلى أخرى ومن وجهة نظر إلى أخرى، ولكن نقاط الالتقاء القليلة تشير بوضوح إلى أن العام المقبل سيكون صعباً أيضاً بالنسبة لعدد من دول العالم ومن جهة أخرى سيكون عاماً مميزاً ومليئاً بالمكاسب والمزايا لدول أخرى.

ولعل قطر إحدى الدول القلائل الموعودة بنمو اقتصادي مميز في السنة المقبلة كاستمرار للنمو الاستثنائي الذي تحقق في السنتين السابقتين منذ بداية الأزمة المالية العالمية بفضل إمكانيات اقتصادية مميزة وصلبة وطموحات تتجاوز الواقع الحالي نحو بناء اقتصاد قادر على المنافسة عالمياً.

وتتوقع شركة "سنشري 21" في تقريرها للربع السنوي الأخير من عام 2010 ، أن يحقق الاقتصاد القطري نمواً اقتصادياً يصل إلى 20 % في عام 2010، ويتوقع لهذا النمو أن يستمر على مدى عام 2011 ليحقق نتائج مماثلة تعد إحدى أفضل نتائج النمو الاقتصادي على مستوى العالم في ظل ضعف أداء عالمي جراء الأزمة العالمية المتواصلة منذ نهاية 2008 .

ولا شك أن أفضل طريق لاستشراف المستقبل هو استقراء الواقع من خلال ما شهدناه من مجريات على مدى السنة الفائتة، والتي خبأت في طياتها الكثير من التفاصيل التي يمكن البناء عليها لرسم صورة الاقتصاد القطري في العام المقبل وخاصة في قطاع العقارات، الذي كان الشغل الشاغل للكثيرين من العاملين والمستثمرين في مختلف القطاعات الاقتصادية في الدولة لتأثرهم بهذا القطاع المهم بشكل مباشر أو غير مباشر. ولعل المتابع لتطورات السوق العقارية في الدولة وفي المنطقة يرى بكل وضوح حجم التحسن في أداء السوق وحجم النشاط المتزايد وكذلك نمو مستويات الثقة في العقار مقارنة بالسنتين السابقتين وكذلك مقارنة مع الأسواق المجاورة في المنطقة.

ورأى التقرير انه على مدى العام الماضي، وعلى الرغم من استمرار حالة البطء الناجمة بشكل أساسي من اختلال ميزان العرض والطلب، شهدت السوق العقارية في قطر نشاطاً مميزاً تمثل في نمو حجم الطلب الأساسي وامتصاص جزء مهم من المعروض. إلا أن استمرار تدفق المعروض العقاري إلى السوق عبر المشاريع المنتهية حديثاً لا يزال يشكل الضغط الذي يمنع المؤشرات العقارية من استعادة وتيرة الصعود الذي تمتعت به خلال السنوات الثلاث التي سبقت الأزمة المالية.

 وبالرغم من حجم المعروض الكبير والتدفق المستمر للوحدات العقارية (بمختلف استعمالاتها سكنية كانت أم تجارية) إلا أن هبوط المؤشرات العقارية (الإيجارات والأسعار) قد بدأ بالوصول إلى حدوده الدنيا وربما تبدأ هذه المؤشرات بالصعود في ضوء تسارع مرتقب للطلب في الفترة القادمة ليتجاوز المعروض الحالي.
وأكد ان سنة 2010 كانت خيراً على قطر بفضل انجازات هائلة ونمو كبير توج في نهاية السنة بانتصار قطر في استضافة كأس العالم 2022 وكذلك بإعلان الوصول إلى أكبر طاقة انتاجية للغاز المسال في العالم، وهو حدث اقتصادي عالمي بارز هو الآخر.

ومما لا شك فيه، أنه وبرغم الصعوبات التي مرت بها المنطقة والعالم، وبرغم الركود الاقتصادي الذي ما زال يضرب أطنابه بين الفينة والأخرى في عدد من بقاع الأرض، خرجت قطر كأحد أهم الرابحين من الأزمة العالمية بدلالة نمو اقتصادي موجب ومستمر خلال العام المقبل سينعكس على مختلف قطاعات الأعمال وبخاصة قطاع العقارات.

ولعل نجاح قطر في استضافة كأس العالم كان ما تحتاجه عجلة الاقتصاد القطري بالضبط من حيث أنه كان الدفعة المطلوبة لتحفيز النشاطات المختلفة وإعادة الثقة للاستثمارات المحلية والخارجية. ومما لاشك فيه أن الأشهر القليلة القادمة ستحمل مشروعات ضخمة تتركز بشكل أساسي في البنية التحتية كشبكات الطرق والمياه والمترو والمطار الجديد بالإضافة إلى الميناء الجديد، إلى جانب عدد كبير من مشروعات التعليم والصحة والخدمات الأخرى كلها تقع على عاتق الحكومة القطرية بشكل أساسي. هذا الحراك سيلقى استجابة كبيرة من القطاع الخاص وسيقوم بدوره بمشروعات كبيرة أعلن عن عدد منها بالفعل في الفترة الماضية.

على الرغم من أن سنة 2010 كانت تختلف حولها الآراء حول حجم تفاؤل التوقعات الاقتصادية، تشترك آراء المحللين على أن سنة 2011، ستكون أفضل من سابقاتها وستشكل نقطة التحول التي طال انتظارها في اتجاه الصعود نحو فترة الازدهار الثانية في تاريخ القطاع العقاري القطري.

 فالدروس المستفادة من الأزمات السابقة وبدعم مستمر من الحكومة لا شك ستضع مختلف الشرائح الفاعلة في هذا القطاع المهم على المسار الصحيح كجزء من بناء سوق صحي يتميز بالتنافسية والتنوع في إطار اقتصاد ذي تنمية مستدامة.

بوادر الاستقرار النسبي
وبالفعل فقد أعطت المؤشرات الإيجارية السكنية أولى بوادر الاستقرار النسبي في الربع الأخير مع اتجاهها نحو الثبات مما يشير إلى وصولها إلى مستويات معقولة في السوق، ويتوقع لهذه المؤشرات أن يتبلور اتجاهها في الشهور المقبلة من عمر سنة 2011 في ضوء استمرار تنامي الطلب الناجم عن الحراك الداخلي بالإضافة إلى النمو الطبيعي الموازي للنمو الاقتصادي للدولة المتمثل في استقطاب عمالة جديدة وتوسع نشاط الشركات.

ومما لاشك فيه أن العام المنصرم حمل محطات هامة في تاريخ الاقتصاد القطري بشكل استثنائي لم يسبق حدوثه في التاريخ المعاصر للدولة ربما كانت أبرز محطاته وصول الطاقة الانتاجية للغاز الطبيعي في الدول إلى مستويات وضعت قطر في مرتبة أكبر دولة مصدرة للنفط عالمياً، والحدث الثاني هو نجاح قطر في الحصول على حق استضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، وهذين الحدثين سيكونان بالفعل نقطة انطلاق جديدة للاقتصاد القطري نحو تحقيق دورة الازدهار الجديدة بخطوات واسعة وأكثر ثقة.

وكما كانت التوقعات تصب في أن الربع الرابع من العام المنصرم 2010 سيشهد تطورات مهمة ونشاطاً حثيثاً في اتجاه استقرار السوق، بالفعل أتت هذه التطورات لصالح تأكيد هذا التوجه بفضل حراك عقاري ملحوظ جاء كنتيجة مباشرة لنمو في الطلب ونمو في مختلف القطاعات الاقتصادية.

شمل هذا النمو مختلف أنواع العقارات إلا أن أثره كان ملاحظاً في العقارات الإيجارية السكنية حيث استقرت الإيجارات نسبياً في مختلف مناطق الدوحة نتيجة وصول الإيجارات إلى مستويات منخفضة نسبياً دفعت بحركة انتقال واسعة باتجاه الأبنية الحديثة ذات الجودة العالية والمناطق المركزية من المدينة بالنسبة للشقق والأحياء السكنية الجيدة بالنسبة للفلل.

ولربما أكبر حدثين شهدهما الربع الرابع بالنسبة للحياة الاقتصادية وسوق العقارات بالتحديد هو وصول حجم الانتاج من الغاز الطبيعي المسال في قطر إلى 77 مليون طن سنوياً ووهو أعلى معدل انتاج في العالم، أما الحدث الثاني هو نجاح قطر في محاولتها استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، ولكن ما أثر ذلك على السوق العقارية؟

-وبهذا النشاط الاقتصادي الكبير، استطاعت الشركات المحلية - العقارية بالتحديد - الوصول إلى العالمية عبر الدعم الحكومي لها وتوسيع رقعة نشاطها الجغرافية في عدد من دول العالم، فاكتسبت هذه الشركات في وقت قصير خبرة لا تضاهى واستطاعت استقطاب خبرات عالمية نقلتها إلى السوق المحلية فرفعت بذلك من مستوى السوق كما استقدمت منتجات جديدة إلى السوق.

وفي الوقت ذاته، فإن نمو مركز قطر بين اقتصاديات العالم الكبرى يشجع على استقطاب الاستثمارات الخارجية إلى الدولة وأي استثمار سيكون في جزء ليس بالبسيط منه على شكل عقارات تستفيد منها الشركات المحلية وتدير عجلة سوق العقارات بدفعة إلى الأمام.

استثمار طويل الأمد
ويتم النظر على أن استضافة قطر لكأس العالم لكرة القدم لعام 2022 هو استثمار طويل الأمد لا يتوقف على العائدات المباشرة من هذا الحدث العالمي الكبير، ولكنه، وبشكل أهم وأكثر ديمومة، هو وضع قطر على خارطة الوجهات المفضلة في العالم.

 فبعد تاريخ 2 ديسمبر 2010 حققت قطر اختراقاً كبيراً في تسويق اسم الدولة كوجهة جديدة للملايين حول العالم الذين أصبحوا مستعدين لاستكشاف الفرص في هذا البلد الصغير ذي الامكانيات الهائلة. وأصبحت قطر في سباق مع ذاتها لتحقيق ما يتطلبه الوضع الجديد والاستفادة منه والبناء عليه بحيث يساهم في تحقيق اقتصاد ذي نمو مستدام وهذا يأتي أولاً عبر النهوض بالبنية التحتية لاستيعاب حاجة تفوق الحاجات الأساسية للنمو الطبيعية لدولة وهي بذلك تؤسس لبنية تحتية أطول عمراً وأكثر استيعاباً للحاجات المستقبلية.

 وفي الوقت ذاته فإن النمو الاقتصادي المصاحب للمشروعات المختلفة سيكون مصدراً أساسياً لتنويع الدخل بعيداً عن قطاع الكربوهيدرات - النفط والغاز- هذا عامل أساسي في استدامة النمو الاقتصادي.

ومن جهة أخرى، فإن كل هذا النمو سينعكس على نمو عدد السكان لما يتضمنه من استقطاب مزيد من العمالة وبخاصة العمالة الماهرة - الفاعلة اقتصادياً - ما يساهم في دعم النمو الاقتصادي ويرفع من مستويات الطلب وبخاصة في السوق العقارية. هذا النمو - الاقتصادي والسكاني سيتطلب بدون شك إحداث تطور نوعي في بيئة الأعمال وما يتعلق بتحسين شروط الاستثمار والعمل في الدولة وبخاصة بالتشريعات المرتبطة بها مما يحقق تفاعلاً أكبر لمكونات الاقتصاد بشكل ينافس بيئات الأعمال في كبرى اقتصاديات العالم وبخاصة أن التنافسية العالمية في تصاعد مستمر كنتيجة مباشرة للعولمة التكنولوجية وتسارع نمو الاقتصاديات الصاعدة في العقد الأخير للحاق بركب العالم الأول.

بالطبع سيكون لتحقيق المناخ الملائم لاستضافة كأس العالم- 2022 أي بعد ما يزيد على عقد من الزمن منذ الآن - الكلفة الكبيرة التي وعدت قطر أن تضعها عبر تنفيذ مشروعات كبرى توازي ضخامة الحدث، إلا أن هذه التكلفة ستكون في مجملها استثماراً طويل الأمد للاقتصاد القطري تجنى عوائده عبر العقود القادمة وابتداء من لحظة إعلان قطر كدولة مضيفة لكأس العالم، هذه العوائد ستكون إما في أصول ثابتة أو في استثمارات خارجية أو في عوائد غير مباشرة عبر استثمارات جانبية ثانوية في مختلف قطاعات الأعمال.

وقد كثرت التأويلات في الشارع الاقتصادي في قطر حول حركة الإيجارات (وبخاصة السكنية) في الدولة في المرحلة المقبلة في ضوء نجاح قطر في الحصول على حق استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022.

 وعدا هذه التأويلات، فقد لوحظ من الأسبوع الذي تلا تاريخ 2 ديسمبر، أن هناك بضع شركات تسويق عقاري حاولت الاستفادة من المناخ الايجابي السائد في السوق لرفع الإيجارات (السكنية بالتحديد) كنوع من تسجيل النقاط ودفع السوق نحو عكس اتجاه الانخفاض السائد منذ بداية العام.
ومن خلال البحث المستمر لإعداد هذا التقرير والأبحاث العقارية المختلفة في شركة سنشري 21 قطر، سجل تغير نحو الأعلى في مستوى الإيجارات المطلوبة من بعض الشركات العقارية ما شكل استباقاً غير طبيعي للأحداث أثر على مستويات الطلب عند هذه الشركات.

وبفضل المنافسة القوية في قطاع العقارات الإيجارية في السوق بمستويات غير مسبوقة إن كان من قبل شركات عقارية مختصة أو أفراد يعملون في هذا المجال بدون اختصاص أو عبر الملاك أنفسهم، وبفضل وصول السوق إلى مستوى عال من الإدراك بمختلف معطيات السوق، فإن عدم توازن الطلب مع المعروض من العقارات قد أعاد تلقائياً تصحيح الارتفاع المبكر وغير المبرر للإيجارات مع نهاية شهر ديسمبر.

ومع ذلك، نتوقع أن تستمر المحاولات إلى دفع مؤشرات الإيجارات بالصعود لصالح الملاك والمسوقين العقاريين (وبخاصة الشركات العقارية المختصة)، إلا أنها لن تشكل سوى فرصة لترجيح كفة العقارات المعروضة بسعر أفضل في السوق. وبالطبع، فقد كانت أهم دروس الأزمة المالية العالمية في السنتين السابقتين هو مخاطر المضاربات وبخاصة في سوق العقارات. وسيكون للدولة دور كبير في عدم إعادة العجلة إلى الوراء وتطبيق الدروس المستفادة بما يحقق تجاوز أخطاء الماضي.

وعليه، نتوقع أن التذبذبات الحاصلة في السوق الإيجارية السكنية في الدولة ارتفاع وهبوط الايجارات في المناطق المختلفة ليس إلا مرحلة استقرار عقاري تمتد حتى وصول العرض والطلب إلى نقطة التوازن المنشودة. وبذلك لا نستبعد تعرض هذه المؤشرات إلى انخفاضات محتملة في ضوء استمرار تدفق المعروض إلى السوق، إلا أن هذه الانخفاضات لن تشكل منعطفات حادة في أي حال بل ستكون جزءاً من استقرار تدريجي بدأت أولى مراحله بالفعل في الربع الأخير لعام 2010.

العرض والطلب
إن مفهوم نمو الطلب العقاري في أبسط حالاته ينبع أساساً من نمو عدد السكان وبخاصة نمو عدد الأسر وهذا في حالة دولة قطر نابع بدوره من مكونين رئيسيين؛ النمو الطبيعي للسكان الموجودين في الدولة والنمو الناجم عن زيادة الأسر القادمة إلى الدولة بقصد الإقامة وهذا النمو مرتبط مباشرة بنمو الاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته.

ونستطيع التنبؤ فعلاً بوجود نمو للشريحة الأخيرة من السكان عند وجود النمو الاقتصادي وهذه حالة الاقتصاد القطري المتنامي والذي يتوازى نموه مع نمو سكاني تثبته أرقام احصائيات دورية للسكان ، وعلى هذا فقد نما الطلب العقاري بشكل أكيد وبشكل متسارع على مدى السنة السابقة، ولكنه لم يكن نمواً يستطيع مواكبة النمو في المعروض المتدفق إلى السوق. فحجم المشاريع العقارية المنتهية كان من الضخامة بمكان بحيث سبق بأشواط نمو الطلب وهذا ما حقق بشكل مباشر انخفاض الأسعار وازدياد التنافسية في السوق.

ومن المراقبة الدقيقة للسوق العقارية يلاحظ تباطؤ حجم المعروض المتدفق كون أن معظم المشاريع - بخاصة السكنية - قد انتهت بالفعل وطرحت في السوق بينما المشاريع التي لاتزال قيد الإنشاء قد بدأت تقل، أما المشاريع التي أعلن عنها حديثاً فيلزمها سنتان على الأقل حتى موعد تسليمها، وبذلك هناك فسحة من الزمن قد يستطيع الطلب العقاري أن يقترب من مستويات العرض في حال استمر تسارع نموه في المرحلة المقبلة.

وتوقع التقرير أن تصل السوق إلى هذه المرحلة في عام 2012 ليعود العرض إلى ارتفاعات جديدة بعدها متجاوزاً الطلب في ظل المشاريع المتوقع إنجازها في تلك الفترة. إلا أن هذا السيناريو مفتوح على احتمالات أخرى منها نمو الطلب بشكل أكبر مدعوماً بنمو اقتصادي أكبر، إلا أن ذلك مرتبط بإجراءات اقتصادية قد لا تأتي بشكل مبكر، ولكنه جزء من خطة اقتصادية طموحة للدولة تمتد لما بعد عام 2022 .

لا شك في أن المرحلة المقبلة تحمل في طياتها العديد من التغيرات المهمة على صعيد السوق العقارية بشكل خاص والاقتصاد بشكل أعم، ومما لاشك فيه فإن حجم الإقبال على الاستثمار في السوق القطري سيزيد من حدة التنافسية في مختلف القطاعات وبذلك ستتطلب المشروعات المختلفة دراسة متأنية للسوق ولفرص نجاحها وذلك بشكل أكبر وأدق مما سبق.

وقد ساهمت الأزمة المالية إلى حد كبير بتصفية الدخلاء على مهنة الأبحاث العقارية وهذا جزء مهم في الانتقال بالسوق نحو مرحلة النضج، وفي نفس الوقت ازداد ادراك المستثمرين لأهمية دراسات السوق ودراسات الجدوى السوقية كأداة أولية لتقييم المشروعات وتقليل المخاطر المرتبطة بها بشكل يزيد من كفاءتها وعوائدها الاستثمارية كما يحدد مكامن الضعف والقوة ويبحث عن الامكانيات القصوى لتدوير رأس المال . وهكذا نتوقع ازدياد الطلب على هذا النوع من الأبحاث في المرحلة المقبلة وبخاصة في مجال العقار.

وحول مؤشرات السوق العقاري خلال شهر ديسمبر الماضي ، لفت تقرير "سنشري 21 " الى ان المؤشرات الإيجارية للشقق السكنية أبدت توازناً معقولاً في عدد من المناطق في الدوحة كانعكاس لنمو الطلب الحقيقي في هذه المناطق. وفي المقابل انخفض بشكل ملحوظ في مناطق تعرضت فيما سبق لارتفاعات كنوع من تصحيح المؤشرات، ضمت هذه المناطق السد، بن محمود، المنصورة ومدينة خليفة حيث بلغ الانخفاض أقصى مستوياته متجاوزاً 6%.

أما مناطق التحسن فقد شملت الدفنة، النجمة، معيذر وبن عمران حيث اقترب الارتفاع من قيمة 6 % . هذه التغيرات الشهرية تؤكد أمرين مهمين، أولهما هو استمرار توازن سوق إيجارات الشقق السكنية في تواصل لأداء هذا القطاع على مدى أشهر الربع الرابع، والأمر الثاني هو عدم نجاح الشركات التي سوقت لارتفاعات في إيجارات الشقق بعد نجاح قطر في استضافة كأس العالم 2022 وهذا يدل على خضوع السوق بشكل متزايد إلى الضغط الناجم عن حجم المعروض المتراكم.

وعلى عكس مؤشرات إيجارات الشقق السكنية في شهر ديسمبر الفائت، أظهرت الفلل السكنية ارتفاعاً جيداً في الايجارات في معظم المناطق المدروسة بينما كانت الانخفاضات طفيفة بحوالي 4% في منطقتين هما الغرافة والعزيزية و8% في منطقة مريخ بينما كان التغير في المناطق المدروسة الأخرى معدوماً أو إيجابياً بلغ ذروته في منطقة الدحيل التي شهدت ما يزيد على 10% ارتفاعاً في إيجارات الفلل تليها منطقة معيذر.

تشير هذه الارتفاعات إلى التحسن في أداء الفلل الإيجارية في نهاية الربع الرابع من العام 2010 في ضوء وصول معدلاتها إلى قيم مقبولة وارتفاع الطلب عليها وقد لوحظت حركة حثيثة على مدى الربع الماضي لانتقال العائلات من السكن في الشقق إلى الفلل كنتيجة مباشرة لانخفاض إيجاراتها واقترابها في بعض الأحيان من الإيجارات المعهودة للشقق السكنية ، فعلى سبيل المثال بعض العائلات التي كانت تسكن في شقة بإيجار 8 آلاف ريال شهرياً فضلت الانتقال إلى فيلا سكنية بنفس الإيجار.

هذا التحسن يعود إلى ارتفاع الطلب على الفلل السكنية ولكن في ضوء المعروض الكبير، يتوقع أن يكون جزءاً من استقرار الإيجارات وليس مقدمة لارتفاعات أخرى في الأشهر القادمة .. فيما بقيت الدحيل والهلال على رأس قائمة الفلل السكنية غير المفروشة من ناحية القيمة الإيجارية، بخلاف منطقة الدفنة التي تزيد فيها الإيجارات 50% تقريباً عن أقرب منافسيها. كما بقيت المناطق التي تتذيل هذه القائمة تضم مناطق عين خالد، والغرافة والخريطيات ومريخ بوسطي إيجار بين 10,000 و 10,500 ريال قطري شهرياً. من الملاحظ في شهر ديسمبر هو ارتفاع إيجارات المناطق التي تتذيل قائمة إيجارات الفلل لتتخطى حاجز عتبة 10,000 ريال شهرياً.

مؤشرات الربع الرابع
وقد تعرضت الشقق السكنية في مجمل الربع الرابع من عام 2010 إلى تحسن ملحوظ تمثل في التغير الإيجابي الذي طال تقريباً معظم المناطق المدروسة، بينما تعرضت ثلاث مناطق فقط لانخفاضات بلغت مداها في مدينة خليفة بواقع 6 % كانت في المنصورة والمطار بين 2 – 6 % وقد كانت أبرز المناطق التي تعرضت إلى ارتفاعات على مدى الربع الرابع هي بن عمران بواقع 10 % ومعيذر بأقل من 8 % .. هذه النتائج الإيجابية – والمتوازنة -تشير إلى حجم نشاط الشقق الإيجارية في الربع الرابع من العام المنصرم بما يعزز فرضية اتجاه هذا القطاع المهم من السوق العقارية نحو الاستقرار.

وبنظرة إجمالية لوسطي الإيجارات السكنية في الدوحة ابتداء من نهاية شهر سبتمبر 2010، نلاحظ أن إيجارات الشقق السكنية ارتفعت بمعدل 1% على اجمالي الربع الرابع بأكمله، وهو أداء جيد توزع هذا التغير على ارتفاع 1% في شهر نوفمبر وانعدام التغير في شهري ديسمبر واكتوبر.

فيما تميز الربع الرابع بوضوح استقرار المؤشرات الإيجارية للفلل السكنية في معظم المناطق وذلك خلافاً لما حصل في الربع الثالث من عام 2010 حيث اتسمت الإيجارات بالتغيرات الطفيفة إجمالاً حيث لم تسجل انخفاضات تتجاوز 2% على مدى الربع الرابع إلا في منطقة مريخ (8%) بينما امتدت التغيرات الايجابية على ست مناطق بلغت أقصاها في منطقة الوعب بارتفاع 15% يعد تصحيحاً لانخفاضات سابقة ولما لهذه المنطقة من أهمية حيوية وقربها إلى مراكز الأعمال في الدوحة. يعد هذا التحسن هو الأول من نوعه على مدى الأرباع السنوية السابقة منذ بادية الأزمة العالمية في الربع الأخير من عام 2008.

ويشير مؤشر سوق ايجارات الفلل إلى ارتفاع كلي بقيمة 2% وسطياً على مدى الربع المنصرم حيث تعرض لانخفاض وحيد في شهر اكتوبر بقيمة 2% نزولاً بينما شهد شهرا نوفمبر وديسمبر صعوداً ثباتاً بقيمة 2% لكل شهر، وهذا بدوره يشير مباشرة إلى تحسن وضع الفلل في السوق وتحقيقها بالفعل استقرار تدريجي يأتي بشكل أبكر وأوضح مما كان متوقعاً.

وبالرغم من هذه التحسنات في قطاعي الشقق والفلل، وكما أشرنا سابقاً، تبقى هذه المكاسب مؤقتة في ضوء تسارع نمو الطلب في الربع الأخير بشكل أكبر منه في الأرباع السابقة إلا أن حجم المعروض سيفرض في الأشهر القليلة قيوداً على هذه الارتفاعات سيجعل من الصعب تكرارها، إلا أن كل ذلك سيكون جزءاً من مرحلة الاستقرار الطبيعي التي يمر بها القطاع العقاري في 2011.

سوق المبيعات العقارية
وقد نمت قيم المبيعات العقارية على مدى الأشهر القليلة الماضية نمواً مضطرداً ملحوظاً عبر القيم المسجلة الأسبوعية، وذلك بحسب إدارة التسجيل العقاري في وزارة العدل، لترتفع من أكثر بقليل من 0.6 بليون ريال شهرياً خلال أشهر الصيف لتصل إلى 1.6 بليون ريال (على فترة 4 أسابيع) في الشهر المنصرم وهذا يشير بوضوح إلى ازدياد مستوى الثقة في العقار القطري بين المستثمرين المحليين وفي المنطقة كما يشير إلى ارتفاع الطلب الحقيقي كنتيجة لانخفاض الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة وبخاصة في مجال الأراضي.

وعلى مستوى أرقام التداول الاسبوعي شهد الاسبوع الرابع من شهر ديسمبر أعلى مستوى من قيم التداولات العقارية في العمليات الأساسية (التي تتضمن أراضيَ، بيوتا سكنية، فللا سكنية، عمائر، ومجمعات سكنية) حيث سجل تداول ما قيمته 560 مليون ريال قطري. في مخطط التداولات العقارية يوضح الخط الأحمر التوجه التصاعدي والمضطرد لقيم التداولات العقارية في النصف الثاني من عام 2010.

يتوقع لهذا التوجه أن يستمر وبنفس القوة في عام 2011، حيث يتوقع أن تسجل قيم التداولات العقارية مستويات مرتفعة وربما استثنائية في الاسابيع المقبلة مع بداية عام 2011 في ضوء التحسن العام لمستويات النشاط الاقتصادي وبخاصة أن العديد من أصحاب القرار آثروا ترحيل قراراتهم المتعلقة بشراء العقارات إلى السنة المقبلة كنوع من التوقع بمناخ اقتصادي أفضل في الأشهر المقبلة.. فعلى مدار الأسابيع الأربعة الأخيرة، تحتل الدوحة المركز الأول من حيث "قيمة" العمليات العقارية بالريال القطري، بينما تحتل الريان وأم صلال المراكز التالية على الترتيب. وقد شهدت بلدية الدوحة على مدى الأسابيع الأربع الماضية عددا من العمليات العقارية بواقع 178 عملية بلغت قيمتها حوالي 972 مليون ريال، بينما شهدت الريان 110 عمليات بقيمة 297 مليون ريال. وقد كانت 64% من "عدد" العمليات العقارية المسجلة في الأسابيع الأربعة الماضية كانت عمليات بيع وشراء تتعلق بأراض، بينما كانت 42% من العمليات المسجلة تمثل مناقلات بيوت أو فلل.

سوق الإيجارات التجارية
لقد شهد الربع المنصرم تحسناً طفيفاً لسوق المكاتب التجارية لم يكن من القوة بمكان على تنشيط هذا القطاع العقاري المهم بل ساهم في ثبات المعدلات الإيجارية في مختلف مناطق الدوحة. وقد شهدت الأشهر القليلة الماضية عمليات امتصاص مساحات مكتبية على عدد من المستويات عبر المؤسسات الحكومية والخاصة. تشير أرقام السوق إلى أن مايقرب من 95,000 متر مربع من المساحات المكتبية قد تم امتصاصها في السوق في الشهرين الماضيين منها عدد من الأبنية لصالح مؤسسات حكومية أهمها في منطقة أبراج الخليج الغربي.

وقد حافظت المؤشرات العقارية على ثباتها النسبي في مختلف المناطق على مدى شهور الربع الرابع مع ميول نحو الارتفاع الطفيف بسبب نشاط السوق، وإدراك الملاك والمسوقين العقاريين لنقاط ضعف وقوة مشاريع العقارات التجارية الجديدة ومزاياها التنافسية والقدرة على جذب الزبائن من الشركات المحلية أو الشركات الجديدة والقادمة من الخارج.

وقد حافظت هذه المؤشرات على ثبات نسبي بعد سلسلة من التراجعات القاسية التي امتدت على كامل الأرباع الثلاثة السابقة وكذلك سنة 2009، حيث يعد قطاع العقارات التجارية (المكتبية بالتحديد) أكبر الخاسرين في الأزمة العقارية في الدولة. وعلى الرغم من التحسن الطفيف، لا يتوقع أن تتحسن الصورة بالنسبة للمؤشرات الإيجارية للمساحات المكتبية على الفترة القادمة ولكن تحرك الطلب له دلالات مهمة بعد فترة طويلة من الخمود النسبي وفي ظل استمرار التدفق للمعروض من المساحات المكتبية الى السوق بفعل المشاريع المنتهية حديثاً.

إن تدفق معروض العقارات التجارية لا يزال مستمراً في السوق وسيستمر في 2011 لمستويات عالية بفضل تأجيل تسليم عدد من المشروعات المكتبية الكبيرة إلى السنة المقبلة، مما سيؤثر سلباً على أداء هذا القطاع. ومع ذلك يتوقع أن امتصاص مساحات كبيرة من قبل الشركات الكبرى وبخاصة الحكومية ستساعد على عدم تفاقم أزمة العقارات التجارية في عام 2011 وصولاً إلى نقطة يمكن عندها الحديث عن استقرار هذا القطاع واقتراب مستويات الطلب من مستويات العرض.

بالنسبة لعقارات المتاجر والأسواق والمعارض - تجارة التجزئة - يتميز هذا النوع بعدم وجود فائض كبير من المساحات التجارية في السوق حالياً، إلا أن حجم المشاريع قيد الإنشاء تعد بمستويات عالية تتجاوز مستويات الطلب، ولكنها تخلق فرصاً جديدة لمنتجات عقارية أكثر جودة وأكثر استجابة لمتطلبات مستأجري المساحات التجارية وكذلك مرتادي الأسواق والمولات. ولهذا السبب، فإن المعروض القادم قد يلاقي الطلب الكامن وغير الظاهر حالياً مما يعيد توزيع حصص السوق ويزيد من حجم السوق لصالح حصة الفرد من المساحات التجارية لتصل إلى مستويات تماثل المستويات العالمية أو على الأقل عدداً من مدن المنطقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق